فيحتاج إلى غيره ،
والعادل كذلك ؛ لأنّ الصغائر قد تحصل منه لأنّها لا تنافي العدالة ، والكبائر
ربّما تقع منه أيضا ، ولو لا أنّه قد يفسق فيحتاج إلى إمام آخر يمنعه عن الصغائر
والكبائر لو وقعت ، أو يحترز به عن وقوعها.
كما إنّ الخطأ غير مأمون عليه ، فيحتاج
إلى إمام آخر يمنعه عمّا يخطأ به وإن كان معذورا ، فإنّ معذوريّته لا تصحّح تفويت
تلك الفوائد ، وإلّا لما كانت موجبة للحاجة إلى الإمام.
فإن
قلت : الصغائر مع ترك الكبائر معفوّ عنها ،
فلا يلزم المنع عنها ، والكبائر لا تقع من العادل عمدا حتّى يجب منعه ، ولو فرض
وقوعها عمدا وجب عزله ونصب غيره ، وأمّا وقوعها خطأ ، فهو وإن لم يكن مأمونا منه
لكن ربّما لا يوجد فلا يلزم نصب آخر ، ولو وقعت نبّهه من يرفع خطأه وإن لم يكن
إماما.
قلت
: العفو عن الصغائر لا يرفع حرمتها ، وإلّا لما احتاجت إلى العفو ، كما إنّ السهو
عن الكبائر إنّما يرفع العقاب ، فلا بدّ من الحاجة إلى من يردّ فاعلهما.
وأمّا الكبائر مع العمد ، فلا يمتنع
وقوعها من العادل ، إذ ربّما تعرض له الكبيرة نادرا من دون أن تزول ملكته ، كما
إنّه قد يفسق ، وهو كثير ، والالتزام بوجوب عزله حينئذ غير متّجه ؛ للأخبار
الكثيرة الآتية ، ولإمكان أن لا يثبت فسقه عند كلّ أهل الحلّ والعقد ، أو يثبت
ولكنّهم مثله في الفسق ، أو لا يمكنهم عزله ، أو يحصل من عزله ضرر أعظم ، فتبتلي
الأمّة بإمام فاسق لا يحصل منه محلّ الحاجة إلى الإمام ، وهو ناشئ من عدم اعتبار
العصمة والاكتفاء بالعدالة ، ولا سيّما مع كون العدالة الواقعية عسرة الإحراز ،
وإنّما تثبت ظاهرا ، إذ ربّما كان العادل في الظاهر فاسقا في الواقع ، فتبتلي