لا ريب في قول جماعة من الصوفية
بالاتّحاد ، كما يشهد له إنكار الخصم لصحّة النسبة إذا أراد المصنّف محقّقي
الصوفية ، فلو أراد غيرهم لم ينكره الخصم.
وقال في « المواقف » : « إنّ المخالف في
هذين الأصلين ـ يعني [ عدم ] الحلول و [ عدم ] الاتّحاد ـ طوائف ثلاث ـ إلى أن قال
: ـ الثالثة : بعض الصوفية ، وكلامهم مخبّط بين الحلول والاتّحاد » [١].
ثمّ قال : « ورأيت من الصوفية الوجودية
من ينكره ، ويقول : لا حلول ولا اتّحاد ، إذ كلّ ذلك يشعر بالغيرية ، ونحن لا نقول
بها ، بل نقول : ليس في دار الوجود غيره ديّار ؛ وهذا العذر أشدّ قبحا وبطلانا من
ذلك الجرم [٢]
، إذ يلزم تلك المخالطة التي لا يجترئ على القول بها عاقل ، ولا مميّز أدنى تمييز
» [٣].
وقال التفتازاني في « شرح المقاصد » بعد
إبطال الحلول والاتّحاد : « والمخالفون : منهم نصارى ... ـ إلى أن قال : ـ ومنهم
بعض المتصوّفة ، القائلون : بأنّ السالك إذا أمعن في السلوك ، وخاض لجّة الوصول [٤] ، فربّما يحلّ الله فيه! تعالى [ الله
] عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا ، كالنار في
[١] المواقف : ٢٧٤ ـ
٢٧٥ ، وانظر : شرح المواقف ٨ / ٢٩ ـ ٣١.