نام کتاب : الصحابة في القرآن والسنّة والتاريخ نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 126
يا عبدالله فأمرتني
بما هو لي في آخرتي وأسلم لي في ديني ، وأما أنت يا محمّد فأمرتني بما هو خير لي
في دنياي ، وشرٌّ لي في آخرتي ) [١].
وأشار عليه غلامه وردان بالقول : ( اعتركت
الدنيا والآخرة على قلبك ، فقلت مع علي الآخرة بلا دنيا ، ومع معاوية الدنيا بغير
آخرة ... أرى أن تقيم في منزلك ، فإن ظهر أهل الدين عشت في عفو دينهم ، وإن ظهر
أهل الدنيا لم يستغنوا عنك ) ، فقال ابن العاص : ( الآن حين شهرتني العرب بمسيري
إلى معاوية ؟ ) [٢].
لم يترك الرجلان إذن مجالاً لتأويل
أفعالهما ، بعد أن أفصحا عمّا في الضمائر والنوايا ، فهل تكلّف التأويل بعد كل هذه
الاعترافات إلاّ تمحّل وعصبية ؟!
الرأي الخامس : الرأي المعتدل :
يرى أصحاب هذا الرأي أنّ حال الصحابة
كحال غيرهم من حيث العدالة ، ففيهم العادل والفاسق ، فليس كل من صحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان عادلاً ، وليس للصحبة دور في عدالة
الصحابي ما لم يجسّد سيرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
في سلوكه ومواقفه ، فالملاك هو السيرة العملية ، فمن تطابقت سيرته مع المنهج
الإسلامي فهو عادل ، ومن خالف المنهج الإسلامي فهو غير عادل.
وهذا هو الرأي المعتدل المطابق للواقع
الموضوعي الذي أشار إليه
[١] الكامل في
التاريخ ٣ : ٢٧٥. وبنحوه في الإمامة والسياسة ١ : ٩٦.