نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد جلد : 4 صفحه : 303
الحركة الرجعية و التناسخ النزولي
و الّذي يُبطل هذا النوع الثاني من التناسخ، استلزامه الحركة الرجعية للنفس من الأشد إلى الأنقص، و من الأقوى إلى الأضعف بحسب الذات، و هو أمر محال و توضيحه:
إن حقيقة التناسخ النزولي تتحقق بتعلق روح الإنسان بعد مفارقة البدن بالموت، بجنين إنسان أو حيوان أو خلية نباتية، و الكل دونها في الكمال. فأصحاب هذا القول يتصورون أن النفوس المتوسطة تنتقل بعد فناء أبدانها إلى أجنة الإنسان أو الحيوان، و تعود إلى الدنيا لمتابعة مسيرة الاستكمال، و الإرتقاء إلى درجة النفوس الكاملة.
و لكنه خيال باطل، لأن تعلق تلك النفوس بأجنة الإنسان أو الحيوان لا يخلو من صورتين:
الأُولى: أنْ تتعلق النفس بالجنين الإنساني أو الحيواني بما لها من الكمال المناسب لمقامه. و هذا غير ممكن عقلا، لأن النفس ما دامت في البدن تزداد في فعليتها شيئاً فشيئاً حتى تصير أقوى وجوداً و أشد تحصُلا. و مثل هذا لا يمكنه أن يتعلق بالموجود الأدنى منه، الّذي لا يتحمل ذلك الكمال و تلك الفعليّة، لعدم تحقق التعاضد و الانسجام بينهما.
و بعبارة أُخرى: إنّ واقعية النفس التّي عاشت مع البدن أربعين سنة مثلا، واقعية تفتّح القوى و بلوغها مقام الفعلية. و أما واقعية النفس التّي تتعلق بالأجنة، فهي فقدان كلّ فعلية، و انتسابها الى جميع الكمالات بالقوة، فحسب. فالقول بتعلق تلك الفعلية بالجنين، جمع بين النقيضين. لأنها ـ على الفرض ـ بما أنّها نفس إنسان مرّت عليه أربعون سنة، مستجمعة لجميع الكمالات بالفعل. و بما أنها تعلقت بالجنين، مستجمعة لها بالقوة فحسب. فتكون الكمالات في محل واحد و زمان واحد، بالفعل و بالقوة معاً، و هذا محال.
الثانية: أن تتعلق تلك النفوس بالأجنّة، لكن بعد تنزّلها عن فعليّاتها، و انسلاخها عن كمالاتها. و هذا النحو من التعلّق، و إن كان يوجد بين البدن
نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد جلد : 4 صفحه : 303