responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد    جلد : 4  صفحه : 286

المعاد الروحاني عند الحكماء

قد وقفت على تضافر آيات الكتاب و أحاديث السنّة على عدم حصر المعاد في الجسماني، كما تعرفت على حكم العقل في ذلك المجال، و أنّ حصره في المعاد الجسماني يخالف رحمة اللّه الواسعة و حكمته البالغة، و على ذلك فالشرع و العقل متعاضدان على أنّ هناك معاداً غير المعاد الجسماني، و لكن يجب إلفات نظر الباحث في المقام إلى نكتة و هي انّ المعاد الروحاني في الكتاب و السنة يرجع الى اللذات و الآلام الروحية التّي تلتذ بها النفس أو تتألم من دون حاجة إلى آلة جسمانية. و قد عرفت ما هو الوارد في الكتاب في هذا المجال من رضوانه سبحانه و لقائه و الابتعاد عن رحمته و إحاطة الحسرة بالإنسان في تلك النشأة، فهذه هي حقيقة المعاد الروحاني التّي تتلخص في غير اللذات و الآلام الجسمانية، و على هذا فهو يعمّ جميع أهل الجنة و النار من غير فرق بين الكاملين و المتوسطين.

و على الجملة هناك لذّات روحية و آلام كذلك تحيط أهل الجنّة و النار من غير فرق بين طبقاتهم. و أمّا المعاد الروحاني عند الحكماء فهو يختلف عمّا وقفنا عليه في الكتاب بأمرين:

الأول: انّهم يخصّون المعاد الروحاني باللذات العقلية أي درك العقل الأمور الملائمة و المنافرة له، فإن اللذة عندهم على وجه الإطلاق تفسّر بإدراك الملائم من حيث هو ملائم، كالحلو من المذوقات. و الملائم للنفس الناطقة، إدراك المعقولات بأن تتمكن النفس من تصوّر ما يمكن أن يدرك من الحق تعالى، و أنه واجب الوجود، بريء عن النقائص والشرور و الآفات، منبع فيضان الخير على الوجه الأصوب، ثم إدراك ما يترتب بعده من العقول و النفوس المجرّدة و الأجرام السماوية و الكائنات العنصرية حتى تصير النفس بحيث ترتسم فيها صور جميع الموجودات على الترتيب الّذي هو لها.

و على هذا فإدراك الحس، الملائم للحس، معاد جسماني. و إدراك العقل، الملائم له، من الوجودات العالية، معاد روحاني.

و هذه العلوم و إن كانت حاصلة لبعض النفوس في هذه النشأة إلا أنّها معرفة

نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد    جلد : 4  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست