نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد جلد : 4 صفحه : 175
الدليل الرابع: المعاد مجلى لرحمته سبحانه
و من لطائف الكلام في الذكر الحكيم أنّه عدّ المعاد فرعاً لرحمته، وجعله مجلىً لها، قال سبحانه: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ للهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ )[1].
فترى أنّه سبحانه يرتّب جمع الناس إلى يوم القيامة، على قوله: (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )، وذلك لأنّ هذا اليوم يوم الرحمة للمؤمن والكافر، غير أنّ الكافر، قد خسر نفسه باقتراف المعاصي وترك الفرائض في الدنيا، فلا يتوفق لنيل رحمته تعالى، ولعلّه سبحانه إلى ذلك يشير في الآية بقوله: (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ).
و يعود معنى الآية إلى أنّ يوم القيامة أشبه بمائدة ممدودة، فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين، ولكن الانتفاع منها رهن قيود وشروط هي في وسع كل واحد من المكلّفين. فلو حرم الكافر من الرحمة، فهو بفعل نفسه وما جنته يداه لا من جانبه سبحانه، وهذا كابتلاء العباد وامتحانهم، فإنّه رحمة، لأنّ الهدف منه خروج الطاقات من القوة إلى الفعل، والكمالات من الخفاء إلى البروز، ولكن الكافر لا يخرج منه إلاّ راسباً غير مستفيد من أهداف الابتلاء، بل يخسر نفسه بفتور عزمه في مجال الطاعة.
و يمكن استفادة ذلك من الآية التالية، وهي قوله سبحانه: