نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد جلد : 4 صفحه : 118
الأول ـ ما هو المراد من الإمامة في الآية؟
ذهب عدّة من المفسّرين منهم الرازي في مفاتيحه، إلى أنّ المراد من الإمامة هنا، النبوة وأنّ ملاك إمامة الخليل، نبوّته، لأنّها تتضمن مشاقّاً عظيمة[1].
و قال الشيخ محمود عبده: «الإمامة هنا عبارة عن الرسالة، وهي لاتنال بكسب الكاسب» [2].
يلاحظ عليه: إنّ إبراهيم كان نبيّاً قبل الإبتلاء بالكلمات، وقبل تنصيبه إماماً، فكيف يصحّ أن تفسّر الإمامة بالنبوّة على ما في لفظ الرازي، أو بالرسالة، على ما في لفظ المنار؟ ودليلنا على ما ذكرنا، أمران:
1ـ إنّ نزول الوحي على إبراهيم، وجعله طرفاً للخطاب بقوله: (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا)، أوضح دليل على أنّه كان نبيّاً متلقياً للوحي قبل نزول هذه الآية. وأسلوب الكلام يدلّ على أنّه لم يكن وحياً إبتدائياً، بل يعرب عن كونه استمراراً للوحي السابق، والمحاورة الموجودة بينه وبين الله تعالى، حيث طلب الإمامة لذريته، تناسب الوحي الإستمراري لا الوحي الإبتدائي. وإن كنت في شكّ، فلاحظ الوحي الإبتدائي، النازل على موسى في طور سيناء حيث خوطب بقوله:
2ـ إنّ الخليل طلب الإمامة لذرّيته، ومن المعلوم أنّ إبراهيم كان نبيّاً قبل أن يرزق أيّ ولد من ولديه إسماعيل وإسحاق، أمّا أوّلهما فقد رزقه بعد تحطيم الأصنام في بابل، وإعداد العدّة للخروج إلى فلسطين، حيث وافاه الوحي