responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد    جلد : 2  صفحه : 231

واستدلّ اليهود على امتناع النسخ في التكوين [1] بأنَّ قلم التقدير والقضاء إذا جرى على الأشياء في الأزل استحال أن تتعلق المشيئة بخلافه.

وبعبارة أخرى: ذهبوا إلى أنَّ الله قد فرغ من أمر النظام، وجف القلم بما كان، فلا يمكن لله سبحانه محو ما أثبت وتغيير ما كتبه أوّلاً .

ويَردّ عليهم سبحانه في بيان إمكان هذا النسخ في مجال التكوين بالآية التالية: (يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) [2]. وعلى ذلك فإنّ الله سبحانه باسطُ اليدين في مجال التكوين والتشريع، يقدّم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء لا يمنعه من ذلك مانع. وما تتخيله اليهود، وما انتحلوه من أن الله قد فرغ من الأمر وانتهى من الإيجاد والتكوين فصار مكتوف اليدين، مسلوب القدرة، فترده هذه الآية وما سبقها من الآيات والأحاديث. وهذا هو القرآن الكريم يصرح بكونه تعالى: (كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأْن) [3].

ويقول أيضاً: (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَ الأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )[4]. والآية مطلقة غير مقيدة بزمان دون زمان. ولأجل ذلك ينسب إلى نفسه كل ما يرجع إلى الخلق والإيجاد ويبين ذلك بصيغ فعلية استقبالية دالة على الاستمرار، وناصّة على أنَّ الفيض والخلق والإيجاد والتدبير بعد مستمر.

يقول سبحانه: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَال فِيهَا مِنْ بَرَد فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَ يَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَاءُ) [5].


[1] الّذي يراد منه في مورد الإنسان أنّه مخيّر في حياته، غير مسيّر، وأنّ له تغيير مصيره بتغييره مسيره على ما تقدّم .
[2] الرعد: الآية 39 .
[3] الرحمن: 29 .
[4] الأعراف: 54 .
[5] النور: 43 .

نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد    جلد : 2  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست