responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد    جلد : 1  صفحه : 232

عنها. ولو أَمر الشارع بالأُولى و نهى عن الثَّانية، فهو كاشف عما يدركه العقل و مرشد إليه. و ليس للشرع أَنْ يعكس القضية بأَنْ يُحَسِّنَ ما قَبَّحهُ العقل، أَو يُقبِّح ما حَسَّنه.

و قالت الأَشاعرة، لا حكم للعقل فى حُسْن الأَشياء و قبحها، و لا يتسم فعل بالحُسن أو القُبح بذاته قبل ورود الشرع، فلأجل ذلك لا حَسَنَ إلاَّ ما حسّنه الشارع، و لا قبيح الاَّ ما قبحه. فلو كان الظلم قبيحاً، فلأن الشارع نهى عنه، و لو كان العدل حَسَناً فلأنه أمَر به. و لو عكس وجعل العدل قبيحاً والظلم حَسَناً، لكان كما قال.

ثم إنَّ القائلين بالحُسن و القُبح العقليين يقسّمون الأفعال من حيث الإِتّصاف بهما إلى أقسام ثلاثة:

الأول: ما يكون الفعل بنفسه علَّة تامة للحُسْن و القبح، و هذا ما يسمّى بالحُسْن و القُبح الذاتيين، مثل العدل و الظلم. فالعدل بما هو عدل، لا يكون إلاّ حَسَناً أبداً، و متى ما وجد لا بُدّ أن يُمدَح فاعله و يعدّ محسِناً، و كذلك الظلم بما هو ظلم لا يكون الاّ قبيحاً و متى ما وجد ففاعله مذموم و مسيء. و يستحيل أن يكون العدل قبيحاً و الظلم حَسَناً.

الثاني: ما لا يكون الفعل علَّة تامة لأحدهما، بل يكون مقتضياً للإِتصاف بهما، بحيث لو خلّي الفعل و نفسه، فإمَّا أن يكون حَسَناً كتعظيم الصديق بما هو هو أو يكون قَبيحاً كتحقيره. ولكنه لا يمتنع أن يكون التعظيم مذموماً لعروض عنوان عليه كما إذا كان سبباً لظلمِ ثالث، أو يكون التحقير ممدوحاً لعروض عنوان عليه كما إذا صار سبباً لنجاته. و لا ينحصر المثال بهما بل الصدق والكذب أيضاً من هذا القبيل. فالصدق الذي فيه ضرر على المجتمع قبيح، كما أنَّ الكذب الذي فيه نجاة الإِنسان البريء حَسَن. و هذا بخلاف العدل و الظلم فلا يجوز أن يتّسم العدل - بما هو عدل - بالقُبح، و الظُلم - بما هو ظلم - بالحُسن.

نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد    جلد : 1  صفحه : 232
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست