responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد    جلد : 1  صفحه : 19

أقول إنَّ الدّين هو السلوى الكبرى التي تجعل الإِنسان جبلا راسخاً تجاه الحوادث المؤلمة غير متزعزع في البلايا و لا متزلزل عن الكوارث، لماذا؟ لوجهين:

أما أولا فإنه يعتقد أنَّ ما يجري في الكون من خير و شر، فهو من مظاهر مشيئة الخالق الحكيم الذي لا يصدر منه شيء إلاّ عن حكمة و لا يفعل إلاّ عن مصلحة، فهذه الكوارث، مرّة ظواهرها، حلوة بواطنها، و إنْ كان الإِنسان لا يشعر بذلك في ظرف المصيبة و الابتلاء، ولكنه يقف عليه بعد كشف الغطاء و انجلاء الحقائق.

و ثانياً فإنَّ الإِنسان إذا صبر تجاه المصائب و استقبلها بصدر رحب و وجه مشرق يكون مأجوراً عنده سبحانه بصبره و ثباته و استقامته، و رضاه بتقديره و قضائه قال سبحانه: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُوْلَـئكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )[1]. فعند ذلك يتجلى الدّين كدواء يسكّن الآلام و يخفّف المصائب، بل ربما يستقبلها ببشاشة و انشراح، غير أنَّ المادي في ذاك المجال فاقد البلسم لجراحات حياته، و فاقد الدواء لا ضطراباته، لأنه لا يعتقد بأن وراء المادة عالماً يحشر فيه لإِنسان، و يثاب بصبره، و يؤجر بأعماله فهو يعتقد بأنَّ دائرة الكون محدودة بالمادة، يبدأ منها و ينتهي إليها، فلا مناص منها إلاّ إليها، و هي صماء و عمياء لا تقدر على تسكين جروح الإنسان و ترفيه روحه، فلأجل ذلك نرى الانتحار شائعاً بين تلك الزمرة، عند المصائب، و أما الزمرة المؤمنة بالحياة الأُخروية، فيستقلّون آلام المصائب عند حلولها و يسلّون أنفسهم بالصبر و الثَّواب على خلاف الماديّين حيث يستكثرونها و يستسلمون أمامها.


[1] سورة البقرة: الآيات 155 - 157.

نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد    جلد : 1  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست