نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد جلد : 1 صفحه : 124
بتغيّر المعلوم و إلاَّ لانتفت المطابقة. و حيث إنَّ الجزئيات الزمانية متغيرة، فلو كانت معلومة لله تعالى لزم تغيّر علمه، و هو محال.
و أوضحها العلاَّمة ابن ميثم البحراني بقوله: «ومنهم من أنكر كونَه عالماً بالجزئيات على الوجه الجزئي المتغيّر، و إنما يعلمها من حيث هي ماهيات معقولة. و حجتهم أنه لو علم كون زيد جالساً في هذه الدار، فبعد خروجه منها، إنْ بقي علمُه الأول، كان جهلا، و إن زال لزم التغير»[1].
تحليل الشبهة
إنَّ الشبهة واهية جداً، و الجواب عنها:
أولا: بالنقض بالقدرة، و ذلك أنَّه لو استلزم تعلق العِلْم بالجزئيات تغيّره عند تغيّر المعلوم، فإنه يلزم أيضاً تغيّر قدرتِه بتعلُّقِها بالجزئيات، و القدرة من صفات الذات، فما هو الجواب في جانب القدرة والجواب في جانب العلم؟.
وثانياً: بالحلّ. إِنَّ عِلْمَنا بالحوادث الموجودة في أزمنة مختلفة علم زماني و أمَّا علمه تعالى فليس بزماني أصلا. فلا يكون ثمة حالٌ و ماض و مُسْتَقْبَلٌ. فإن هذه صفات عارضة للزمان بالقياس إلى الموجود الزماني الذي يعيش فيه، و يسمى ما يزاوله من الزمان حالا، و ما مضى بالنسبة إليه ماضياً، و ما سيوافيه، مستَقْبَلا. و أما الموجود الخارج عن إطار الزمان و المحيط به و بكل مكان فلا يتصور في حقه ماض و حاضر و مستقبل. فالله سبحانه عالم بجميع الحوادث الجزئية دفعة واحدة لا من حيث أنَّ بعضَها واقع في الحاضر و بعضَها في الماضي و بعضَها في المستقبل. بل يعلمها علماً شاملا متعالياً عن الدخول تحت الأزمنة.