يُؤَدِّي إِلَيْهِ الْمَوْتُ مِنَ النِّعَمِ، لَاسْتَدْعَوْهُ وَ أَحَبُّوهُ أَشَدَّ مِمَّا يَسْتَدْعِي الْعَاقِلُ الْحَازِمُ الدَّوَاءَ، لِدَفْعِ الْآفَاتِ وَ اجْتِلَابِ السَّلَامَاتِ»[1].
وَ دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ- عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- عَلَى مَرِيضٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ يَبْكِي وَ يَجْزَعُ مِنَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، تَخَافُ مِنَ الْمَوْتِ لِأَنَّكَ لَا تَعْرِفُهُ، أَ رَأَيْتَكَ إِذَا اتَّسَخَتْ ثِيَابُكَ وَ تَقَذَّرَتْ، وَ تَأَذَّيْتَ بِمَا عَلَيْكَ مِنَ الْوَسَخِ وَ القذرة [الْقَذَرِ]، وَ أَصَابَكَ قُرُوحٌ وَ جَرَبٌ، وَ عَلِمْتَ أَنَّ الْغَسْلَ فِي حَمَّامٍ يُزِيلُ عَنْكَ ذَلِكَ كُلَّهُ، أَمَا تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَهُ فَتَغْسِلَ فَيَزُولَ[2] ذَلِكَ عَنْكَ، أَ وَ مَا تَكْرَهُ أَنْ لَا تَدْخُلَهُ فَيَبْقَى ذَلِكَ عَلَيْكَ؟ قَالَ: بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ.
قَالَ: «فَذَلِكَ الْمَوْتُ هُوَ ذَلِكَ الْحَمَّامُ، وَ هُوَ آخِرُ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ تَمْحِيصِ ذُنُوبِكَ وَ تَنْقِيَتِكَ مِنْ سَيِّئَاتِكَ، فَإِذَا أَنْتَ وَرَدْتَ عَلَيْهِ وَ جَاوَزْتَهُ، فَقَدْ نَجَوْتَ مِنْ كُلِّ غَمٍّ وَ هَمٍّ وَ أَذًى وَ وَصَلْتَ إِلَى سُرُورٍ وَ فَرَحٍ». فَسَكَنَ الرَّجُلُ وَ نَشَطَ وَ اسْتَسْلَمَ وَ غَمَّضَ عَيْنَ نَفْسِهِ وَ مَضَى لِسَبِيلِهِ[3].
وَ سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ- عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- عَنِ الْمَوْتِ، مَا هُوَ؟ فَقَالَ: «هُوَ التَّصْدِيقُ بِمَا لَا يَكُونُ. إِنَّ أَبِي حَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الصَّادِقِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا مَاتَ لَمْ يَكُنْ مَيِّتاً، وَ إِنَّ الْكَافِرَ هُوَ الْمَيِّتُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ* يَعْنِي الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ، وَ الْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ»[4].
[1] رواه مسندا المصنّف في معاني الأخبار: 290 باب معنى الموت ح 8.
[2] ليست في ق، س.
[3] رواه مسندا المصنّف في معاني الأخبار: 290 باب معنى الموت ح 9.
[4] رواه المصنّف في معاني الأخبار: 290 باب معنى الموت ح 9. و الآية الكريمة من سورة يونس 10: 31.