سبحانه من تواب ما
أسخاه وسبحانه من سخي ما انصره. فإذا كان اسم السخاء لا يوهم نقصاً وقد ورد في
الدعوات ، فما المانع من إطلاقه عليه تعالى.
قلت : أن المانع أن أصل السخاوة راجع
إلى اللين إلى آخره ، كما ذكره صاحب العدة.
إن قلت : إنّ اللين هنا بمعنى الحلم لا
بمعنى ضدّ الخشونة ، وفي دعوات المصباح [١٧٢]
: ولنت في تجبرك [١٧٣]
، أي : حلمت في عظمتك. وليس صفاته تعالى كصفات خلقه ، لأنّ التوّاب من الناس :
التائب ، والصبور : كثير حبس النفس عن الجزع ، وهما في صفته تعالى كما مرّ في
شرحهما ، إلى غير ذلك من صفاته تعالى المخالفة لصفات خلقه [١٧٤].
١٢ : ١٨٨.
[١٧٢] كتاب المصباح
لأبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ، المعروف بشيخ الطائفة يروي عن
الشيخ المفيد وغيره ، يروي عنه والده الشيخ حسن وغيره ، له عدّة مصنّفات ، منها :
هذا الكتاب ـ مصباح المتهجد وسلاح المتعبد ـ وهو من أجل الكتب في الأعمال والأدعية
وقدوتها ، ذكر فيه ما يتكرر من الأدعية ومالا يتكرر ، وقدّم فصولاً في أقسام
العبادات وما يتوقف منها على شرط وما لا يتوقّف وذكر في آخره أحكام الزكاة والأمر
بالمعروف ، توفي سنة ( ٤٦٠ ه ) ودفن في دارة التي كان يقطنها بوصية منه.
[١٧٤] في هامش (ر) :
« مع أنّا نقول : إنّ أصل السخاء راجع إلى الاتساع والسهولة ، وأرض سخواء : سهلة
واسعة ، ويسمّى السخي سخياً لسهولة عطائه وسعته ، فالله تعالى أحق باسم السخاء ،
لأنه وسع بعطائه المعطين وعمّ ببره المبرّين. مع أنّا لو سلّمنا للشيخ رحمهالله صحة الاشتقاق في الأسماء الحسنى ، لوجب
أن نترك كلّ اسم منها يحصل [ في ] اشتقاقه مالا يناسب عنده ، وهو باطل بالإجماع ،
وأظنّ أنّه رحمهالله قلّد القاضي
عبد الجبّار في شرحه الأسماء الحسنى في صحّة الإشتقاق ، لأنّه منع في شرحه أن يوصف
الله تعالى بالحنّان ، قال : لأنّه يفيد معنى الحنين ، وهو لا يجوز عليه سبحانه
وتعالى ، قلت : فكلام عبدالجبار أيضاً غير صحيح ، لاشتقاق الحنّان من غير الحنين ،
قال الجوهري في صحاحه : الحنّان بالتخفيف : الرحمة ، والحنّان بالتشديد : ذوم
الرحمة. وقال الهروي في الغريبين في قوله تعالى : (وحناناً
من لدنّا [ ١٩ : ١٣ ] ) أي : رحمة ، قال : والحنّان من صفات
الله بالتشديد : الرحيم ، وبالتخفيف : العطف والرحمة. وفي الحديث : أنّه صلىاللهعليهوآله مرّ على رجل يعذب ، فقال : لأتخذنه
حناناً ، أي : لأتعطفن عليه ولأترحّمن. ثم نرجع ونقول : على ما ذهب إليه صاحب
العدة وعبد الجبار لا يجوز