اننا نلاحظ ، ان الاسلام قد ظهر في حين
كان الطب لا يزال يقطع مراحل طفولته. وكان العرب في علم الطب خاصة اضعف من سائر
الامم ، لانهم لم يكن لديهم حكومة مركزية يتوفر في ظلها عنصر الامن والاستقرار ،
ليكون ثمة مجال للتنافس والسعي لتحقيق الطموحات التي يمكن ان تعتلج في نفوس
الكثيرين لاسباب مختلفة.
وباستثناء الحارث بن كلدة الذي استأثر
بشيء من الشهرة الواسعة ، والتي لم تكن له لولا انه تعلم الطب على ايدي
الجنديشابوريين ، وباستثناء ابن حذيم.
فاننا لانجد في العرب ما يشجعنا على ان
نعتبرهم قد اسهموا في تقدم هذا العلم ، بل ليس ما يشجعنا لان نعتبر انه قد كان
عندهم اطباء بالمعنى الحقيقي للكلمة ، وحتى ابن كلدة ، وابن حذيم فاننا لانعرف
مقدار ما كانا يتمتعان به من براعة وحذق في هذا المجال. وليس لهم آثار علمية ، ولا
في التاريخ ما يمكن ان نستدل به على شيء من هذا. وقد تقدم بعض ما يشير الى ذلك في
الفصل السابق.