عن جابر بن عبد الله قال : غزا رسول
الله صلىاللهعليهوآله إحدى وعشرين
غزوة بنفسه شاهدت منها تسع عشر غزوة وغبت عن إثنتين ، فبينا أنا معه في بعض غزواته
إذ أعيا ناضحي تحت الليل فبرك ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
في اخريات الناس يزجي الضعيف ، ويردفه ويدعو لهم ، فانتهى إلي وأنا أقول : يا لهف
اماه ما زال لنا ناضح سوء [١]
، فقال : من هذا؟ فقلت : أنا جابر بأبي وامي يا رسول الله ، قال : وما شأنك؟ قلت :
أعيا ناضحي ، فقال : أمعك عصا؟ فقلت : نعم ، فضربه ، ثم بعثه ، ثم أناخه ووطئ على
ذراعه وقال : إركب ، فركبت وسايرته فجعل جملي يسبقه فاستغفر لي تلك الليلة خمسة
وعشرين مرة ، فقال لي : ما ترك عبد الله من الولد؟ ـ يعني أباه ـ قلت : سبع نسوة ،
قال : أبوك عليه دين؟ قلت : نعم ، قال : فإذا قدمت المدينة فقاطعهم فإن أبوا فإذا
حضر جداد نخلكم [٢]
فآذني ، فقال : هل تزوجت؟ قلت : نعم ، قال : بمن؟ قلت : بفلانة بنت فلان بايم [٣] كانت المدينة ، قال : فهلا فتاة
تلاعبها وتلاعبك؟ قلت : يا رسول الله ، كن عندي نسوة خرق ـ يعني أخواته ـ فكرهت أن
آتيهن بامرأة خرقاء ، فقلت : هذه أجمع لا مرى ، قال : أصبت ورشدت ، فقال : بكم
اشتريت جملك؟ قلت : بخمس أواق من ذهب ، قال : بعنيه ولك ظهره إلى المدينة ، فلما
قدم المدينة أتيته بالجمل ، فقال : يا بلال ، أعطه خمس أواق من ذهب يستعين بها في
دين عبد الله ، وزده ثلاثا ، ورد عليه جمله ، قال : هل قاطعت غرماء عبد الله؟ قلت
: لا يا رسول الله ، قال : أترك وفاء؟ قلت : لا ، قال : [ لا عليك ] فإذا حضر جداد
نخلكم فآذني ، فآذنته فجاء فدعا لنا فجددنا واستوفى كل غريم ما كان يطلب تمرا وفاء
وبقي لنا ما كنا نجد وأكثر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: ارفعوا ولا تكيلوا ، فرفعناه وأكلنا منه زمانا.
عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا حدث الحديث أو سئل عن الامر كرره
ثلاثا ليفهم ويفهم عنه.
[١] نضح الماء :
حمله من البئر او النهر. هذا أصله ثم استعمل في كل بعير وإن لم يحمل الماء.