لا يعنيه ، وترك
الناس من ثلاث : كان لا يذم أحدا ولا يعيره ، ولا يطلب عورته ، ولا يتكلم إلا فيما
يرجو ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت تكلموا. ولا
يتنازعون عنده الحديث ، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم عنده حديث أوليهم ،
يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ويصير للغريب على الجفوة في منطقة
ومسألته ، حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم [١]
، ويقول : إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه [٢] ، ولا يقبل الثناء إلا عن مكافئ ولا
يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بانتهاء أو قيام.
قال : قلت : كيف كان سكوته؟
قال : كان سكوت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على أربعة : على الحلم والحذر والتقدير
والتفكر ، فأما تقديره ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس ، وأما تفكره ففيما
يبقى ويفنى ، وجمع له الحلم والصبر ، فكان لا يغضبه شيء ولا يستنفره ، وجمع له
الحذر في أربعة : أخذه بالحسن ليقتدي به ، وتركه القبيح لينتهى عنه ، واجتهاده
فيما أصلح امته ، والقيام فيما جمع لهم خير الدنيا والاخرة.
الفصل الثاني
في نبذ من أحواله وأخلاقه من كتاب شرف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
وغيره
في تواضعه وحيائه صلىاللهعليهوآلهوسلم
عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعود المريض ، ويتبع الجنازة ، ويجيب
دعوة المملوك ، ويركب الحمار ، وكان يوم خيبر ويوم قريضة والنضير على حمار مخطوم
بحبل من ليف تحته إكاف من ليف [٣].