responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مسكّن الفؤاد عند فقه الاحبة والاولاد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 92

الباب الرابع : في البكاء

إعلم أنّ البكاء بمجرّده غير مناف للصبر ولا للرضا بالقضاء ، وإنّما هو طبيعة بشرية ، وجبلة إنسانية ، ورحمة رحمية أو حبيبية فلا حرج في إبرازها ولا ضرر في إخراجها ، ما لم تشتمل على أحوال تؤذن بالسخط وتنبىء عن الجزع وتذهب بالأجر ، من شقّ الثوب ولطم الوجه وضرب الفخذ وغيرها.

وقد ورد البكاء في المصائب عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن قبله من لدن آدم عليه‌السلام ، وبعده من آله وأصحابه مع رضاهم وصبرهم وثباتهم.

فأوّل من بكى آدم عليه‌السلام على ولده هابيل ، ورثاه بأبيات مشهورة ، وحزن عليه حزناً كثيراً ، وإن خفي شيء فلا يخفى حال يعقوب عليه‌السلام ، حيث بكى حتى ابيضّت عيناه من الحزن [١] على يوسف عليه‌السلام.

ومن مشاهير الأخبار ما روي عن الصادق عليه‌السلام ، أنّه قال : « إنّ زين العابدين عليه‌السلام بكى على أبيه أربعين سنة صائماً نهاره ، قائماً ليله ، فإذا حضر الإفطار جاء غلامه بطعامه وشرابه ، فيضعه بين يديه ، ويقول : كل يا مولاي ، فيقول : قتل ابن رسول الله جائعاً ، قتل ابن رسول الله عطشاناً ، فلا يزال يكرر ذلك ، ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه ، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عزّ وجلّ » [٢].

وروي عن بعض مواليه أنّه قال : برز يوماً إلى الصحراء فتبعته ، فوجدته قد سجد على حجارة خشنة ، فوقفت وأنا أسمع شهيقه وبكائه ، فأحصيت عليه ألف مرة ، وهو يقول : « لاإله إلا الله حقّاً حقاً ، لاإله إلاّ الله تعبّداً ورقاً ، لا إله إلاّ الله إيماناً وصدقاً » ثمّ رفع رأسه من سجوده وإنّ لحيته ووجهه قد غمر بالماء من دموع عينيه ، فقلت : يا سيدي ، ما آن لحزنك أن ينقضي ، ولبكائك أن يقل؟

فقال لي : ويحك ، إنّ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم‌السلام كان نبياً ابن نبي ابن نبي ، له إثنا عشرابناً ، فغيّب الله واحداً منهم ، فشاب رأسه من الحزن ، واحدودب ظهره من الغمّ ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حيّ في دارالدنيا ، وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين فكيف ينقضي حزني ، ويقل


[١] في « ش » زيادة : فهو كظيم.

[٢] اللهوف في قتلى الطفوف : ٨٧.

نام کتاب : مسكّن الفؤاد عند فقه الاحبة والاولاد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست