responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مسكّن الفؤاد عند فقه الاحبة والاولاد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 85

فصل

للرضا ثلاث درجات ، مترتبة في القوّة ترتّبها في اللّفظ :

الدرجة الاولى : أن ينظر إلى موقع البلاء والفعل الذي يقتضي الرضا ، ويدرك موقعه ، ويحسّ بألمه ، ولكن يكون راضياً به ، بل راغباً فيه ، مريداً له بعقله ، وإن كان كارهاً له بطبعه ، طلباً لثواب الله تعالى عليه ، ومزيداً لزلفى لديه ، والفوز بالجنّة التي عرضها السموات والأرض ، وقد أعدت للمتقين.

وهذا القسم من الرضا هو رضا المتقين.

ومثاله مثال من يلتمس الفصد والحجامة من الطبيب العالم بتفاصيل أمراضه وما فيه اصلاحه ، فإنّ‌ه يدرك ألم ذلك الفعل ، إلاّ أنّه راض به ، وراغب فيه ، ومتقلّد من الفصّاد منةً عظيمة بفعله.

ومثله من يسافر في طلب الربح ، فإنّه يدرك مشقّة السفر ، ولكن حبّه لثمرة سفره طيّب عنده مشقّة السفر ، وجعله راضياً به ، ومهما أصابته بليّة من الله تعالى ـ وكان له يقين بأنّ ثوابه الذي ادخر له فوق مافاقه ـ رضي به ، ورغب فيه ، وأحبّه ، وشكرالله تعالى عليه.

الدرجة الثانية : أن يدرك الألم كذلك ، ولكنّه أحبّه لكونه مراد محبوبه ورضاه ، فإنّ من غلب عليه الحب كان جميع مراده وهواه ما فيه رضا محبوبه ، وذلك موجود في الشاهد بالنسبة إلى حبّ الخلق بعضهم بعضاً ، قد تواصفه المتواصفون في نظمهم ونثرهم ، ولا معنى له إلاّ ملاحظة حال الصورة الظاهرة بالبصر.

وما هذا الجمال إلاّ جلد على لحم ودم مشحون بالأقذار والأخباث ، بدايته من نطفة مذرة [١] ، ونهايته جيفة قذرة ، وهو فيها بين ذلك يحمل العذرة.

والناظر لهذا الجمال الخسيس هو العين الخسيسة ، التي تغلط في ما ترى كثيراً ، فترى الصغير كبيراً ، والكبير صغيراً ، والبعيد قريباً ، والقبيح جميلاً.

فإذا تصوّر الإنسان استيلاء هذا الحبّ ، فمن أين يستحيل ذلك في حبّ الجمال الأزليّ الأبديّ ، الذي لاينتهي كماله المدرك بعين البصيرة ، التي لايعتريها الغلط ، ولا يزيلها الموت ، بل يبقى بعد الموت حيّاً عندالله ، فرحاً مسروراً برزق الله ، مستفيداً


[١] مذرة : خبيثة ، من التمذّر ، وهو خبث النفس « مجمع البحرين ـ مذر ـ ٣ : ٤٨٠ ».

نام کتاب : مسكّن الفؤاد عند فقه الاحبة والاولاد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست