responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مسكّن الفؤاد عند فقه الاحبة والاولاد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 24

واعلم أن البكاء لا ينافي الرضى ، ولا يوجب السخط ، وإنما مرجع ذلك إلى القلب ، كما ستعرفه ـ إن شاء الله تعالى ـ ومن ثم بكاء الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام على أبنائهم وأحبائهم ، فإن ذلك أمر طبيعي للإنسان ، لا حرج فيه إذا لم يقترن بالسخط ، وسيأتي.

الخامس : أن ينظر صاحب المصيبة إلى أنه في دار قد طبعت على الكدر والعناء ، وجبلت على المصائب والبلاء ، فما يقع فيها من ذلك هو مقتضى جبلتها وموجب طبيعتها ، وإن وقع خلاف ذلك فهو على خلاف العادة لأمر آخر ، خصوصاً على الأكابر والنبلاء من الأنبياء والأوصياء والأولياء ، فقد نزل بهم من الشدائد والأهوال ما يعجز عن حمله الجبال ، كما هو معلوم في المصنفات ، التي لو ذكر بعضها لبلغ مجلدات.

وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أشد الناس بلاءً الأنبياء ، ثم الأولياء ، ثم الأمثل فالامثل » [١].

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الدنيا سجن المؤمن ، وجنة الكافر » [٢].

وقد قيل : إن الدنيا ليس فيها لذة على الحقيقة ، إنما لذاتها راحة من مؤلم ، هذا وأحسن لذاتها ، وأبهى بهجاتها مباشرة النساء ، المترتب عليه حصول الأبناء ، كم يعقبه من قذى [٣] ، أقله ضعف القوى وتعب الكسب والعناء. ومتى حصل محبوب كانت آلامه تربو على لذاته ، والسرور به لا يبلغ معشار حسراته ، وأقل آفاته في الحقيقة الفراق الذي ينكث [٤] الفؤاد ، ويذيب [٥] الأجساد.

فكلما تظن في الدنيا أنه شراب سراب ، وعمارتها ـ وإن حسنت ـ إلى


[١] رواه الكليني في الكافي ٢ : ١٩٦ / ٢ ، وابن ماجة في سننه ٢ : ١٣٣٤ / ٤٠٢٣ ، والترمذي في سننه ٤ : ٢٨ / ٢٥٠٩ ، وأحمد في مسنده ١ : ١٧٢ ، ١٨٠ ، ١٨٥ ، والدارمي في سننه ٢ : ٣٢٠ ، والحاكم النيسابوري في مستدركه ١ : ٤١ و ٤ : ٣٠٧ ، باختلاف يسير.

[٢] رواه الصدوق في الفقيه ٤ : ٢٦٢ ، والطوسي في أماليه ٢ : ١٤٢ ، ومحمد بن همام في التمحيص : ٤٨ : ٧٦ ، ومسلم في صحيحه ٤ : ٢٢٧٢ / ٢٩٥٦ ، وأحمد في مسنده ٢ : ٣٢٣ ، وابن ماجة في سننه ٢ : ١٣٧٨ / ٤١١٣.

[٣] القذى : ما يقع في العين والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك « مجمع البحرين ـ قذى ـ ١ : ٣٣٥ ».

[٤] ينكث : من النكث وهو النقض والهدم والهزال « القاموس المحيط ـ نكث ـ ١ : ١٧٦ ».

[٥] في « ح » : ويذهب.

نام کتاب : مسكّن الفؤاد عند فقه الاحبة والاولاد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست