إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
20- وَ سَمِعْنَا شَيْخاً[1] مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ بْنُ فَارِسٍ الْأَدِيبُ يَقُولُ سَمِعْتُ بِهَمَدَانَ حِكَايَةً حَكَيْتُهَا كَمَا سَمِعْتُهَا لِبَعْضِ إِخْوَانِي فَسَأَلَنِي أَنْ أُثْبِتَهَا لَهُ بِخَطِّي وَ لَمْ أَجِدْ إِلَى مُخَالَفَتِهِ سَبِيلًا وَ قَدْ كَتَبْتُهَا.
وَ عُهْدَتُهَا عَلَى مَنْ حَكَاهَا- وَ ذَلِكَ أَنَّ بِهَمَدَانَ نَاساً يُعْرَفُونَ بِبَنِي رَاشِدٍ وَ هُمْ كُلُّهُمْ يَتَشَيَّعُونَ وَ مَذْهَبُهُمْ مَذْهَبُ أَهْلِ الْإِمَامَةِ فَسَأَلْتُ عَنْ سَبَبِ تَشَيُّعِهِمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ هَمْدَانَ فَقَالَ لِي شَيْخٌ مِنْهُمْ رَأَيْتُ فِيهِ صَلَاحاً وَ سَمْتاً إِنَّ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ جَدَّنَا الَّذِي نَنْتَسِبُ إِلَيْهِ خَرَجَ حَاجّاً فَقَالَ إِنَّهُ لَمَّا صَدَرَ مِنَ الْحَجِّ وَ سَارُوا مَنَازِلَ فِي الْبَادِيَةِ قَالَ فَنَشَطْتُ فِي النُّزُولِ وَ الْمَشْيِ فَمَشَيْتُ طَوِيلًا حَتَّى أَعْيَيْتُ وَ نَعَسْتُ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي أَنَامُ نَوْمَةً تُرِيحُنِي فَإِذَا جَاءَ أَوَاخِرُ الْقَافِلَةِ قُمْتُ قَالَ فَمَا انْتَبَهْتُ إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ وَ لَمْ أَرَ أَحَداً فَتَوَحَّشْتُ وَ لَمْ أَرَ طَرِيقاً وَ لَا أَثَراً فَتَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قُلْتُ أَسِيرُ حَيْثُ وَجَّهَنِي وَ مَشَيْتُ غَيْرَ طَوِيلٍ فَوَقَعْتُ فِي أَرْضٍ خَضْرَاءَ نَضْرَاءَ كَأَنَّهَا قَرِيبَةُ عَهْدٍ مِنْ غَيْثٍ وَ إِذَا تُرْبَتُهَا أَطْيَبُ تُرْبَةٍ وَ نَظَرْتُ فِي سَوَاءِ تِلْكَ الْأَرْضِ[2] إِلَى قَصْرٍ يَلُوحُ كَأَنَّهُ سَيْفٌ فَقُلْتُ لَيْتَ شِعْرِي مَا هَذَا الْقَصْرُ الَّذِي لَمْ أَعْهَدْهُ وَ لَمْ أَسْمَعْ بِهِ فَقَصَدْتُهُ فَلَمَّا بَلَغْتُ الْبَابَ رَأَيْتُ خَادِمَيْنِ أَبْيَضَيْنِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمَا فَرَدَّا رَدّاً جَمِيلًا وَ قَالا اجْلِسْ فَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْراً فَقَامَ أَحَدُهُمَا وَ دَخَلَ وَ احْتَبَسَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ قُمْ فَادْخُلْ فَدَخَلْتُ قَصْراً لَمْ أَرَ بِنَاءً أَحْسَنَ مِنْ بِنَائِهِ وَ لَا أَضْوَأَ مِنْهُ فَتَقَدَّمَ الْخَادِمُ إِلَى سِتْرٍ عَلَى بَيْتٍ فَرَفَعَهُ ثُمَّ قَالَ لِي ادْخُلْ فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ فَإِذَا فَتًى جَالِسٌ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ وَ قَدْ عُلِّقَ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنَ السَّقْفِ سَيْفٌ طَوِيلٌ تَكَادُ ظُبَتُهُ تَمَسُّ رَأْسَهُ[3] وَ الْفَتَى كَأَنَّهُ بَدْرٌ يَلُوحُ فِي ظَلَامٍ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ السَّلَامَ بِأَلْطَفِ كَلَامٍ وَ
[1]. في هامش بعض النسخ و البحار كذا« القصة مذكورة في كتاب السلطان المفرج عن أهل الايمان، عن أحوال صاحب الزمان» تأليف السيّد عليّ بن عبد الحميد.
[2]. أي وسطها.
[3]. ظبة السيف- بالضم مخففا-: طرفه، و حدّ السيف و السنان.