أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ غَيْرُ هَذَا فَإِنَّ هَذَا يَسْتَحِقُّهَا فِي فَضْلِهِ وَ عَفَافِهِ وَ هَدْيِهِ وَ صِيَانَةِ نَفْسِهِ وَ زُهْدِهِ وَ عِبَادَتِهِ وَ جَمِيلِ أَخْلَاقِهِ وَ صَلَاحِهِ وَ لَوْ رَأَيْتَ أَبَاهُ لَرَأَيْتَ رَجُلًا جَلِيلًا نَبِيلًا خَيِّراً فَاضِلًا فَازْدَدْتُ قَلَقاً وَ تَفَكُّراً وَ غَيْظاً عَلَى أَبِي مِمَّا سَمِعْتُ مِنْهُ فِيهِ وَ لَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا السُّؤَالَ عَنْ خَبَرِهِ وَ الْبَحْثَ عَنْ أَمْرِهِ فَمَا سَأَلْتُ عَنْهُ أَحَداً مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ مِنَ الْقُوَّادِ وَ الْكُتَّابِ وَ الْقُضَاةِ وَ الْفُقَهَاءِ وَ سَائِرِ النَّاسِ إِلَّا وَجَدْتُهُ عِنْدَهُمْ فِي غَايَةِ الْإِجْلَالِ وَ الْإِعْظَامِ وَ الْمَحَلِّ الرَّفِيعِ وَ الْقَوْلِ الْجَمِيلِ وَ التَّقْدِيمِ لَهُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ مَشَايِخِهِ وَ غَيْرِهِمْ وَ كُلٌّ يَقُولُ هُوَ إِمَامُ الرَّافِضَةِ فَعَظُمَ قَدْرُهُ عِنْدِي إِذْ لَمْ أَرَ لَهُ وَلِيّاً وَ لَا عَدُوّاً إِلَّا وَ هُوَ يُحْسِنُ الْقَوْلَ فِيهِ وَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَجْلِسِ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَمَا خَبَرُ أَخِيهِ جَعْفَرٍ فَقَالَ وَ مَنْ جَعْفَرٌ فَيُسْأَلَ عَنْ خَبَرِهِ[1] أَوَ يُقْرَنُ بِهِ إِنَّ جَعْفَراً مُعْلِنٌ بِالْفِسْقِ مَاجِنٌ[2] شِرِّيبٌ لِلْخُمُورِ وَ أَقَلُّ مَنْ رَأَيْتُهُ مِنَ الرِّجَالِ وَ أَهْتَكُهُمْ لِسَتْرِهِ فَدْمٌ خَمَّارٌ[3] قَلِيلٌ فِي نَفْسِهِ خَفِيفٌ وَ اللَّهِ لَقَدْ وَرَدَ عَلَى السُّلْطَانِ وَ أَصْحَابِهِ فِي وَقْتِ وَفَاةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع مَا تَعَجَّبْتُ مِنْهُ وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكُونُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اعْتَلَّ بَعَثَ إِلَى أَبِي أَنَّ ابْنَ الرِّضَا قَدِ اعْتَلَّ فَرَكِبَ مِنْ سَاعَتِهِ مُبَادِراً إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ ثُمَّ رَجَعَ مُسْتَعْجِلًا وَ مَعَهُ خَمْسَةُ نَفَرٍ مِنْ خُدَّامِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كُلُّهُمْ مِنْ ثِقَاتِهِ وَ خَاصَّتِهِ فَمِنْهُمْ نِحْرِيرٌ[4] وَ أَمَرَهُمْ بِلُزُومِ دَارِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع وَ تَعَرُّفِ خَبَرِهِ وَ حَالِهِ وَ بَعَثَ إِلَى نَفَرٍ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ فَأَمَرَهُمْ بِالاخْتِلَافِ إِلَيْهِ[5] وَ تَعَاهُدِهِ صَبَاحاً وَ مَسَاءً فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ جَاءَهُ مَنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ فَرَكِبَ حَتَّى بَكَّرَ إِلَيْهِ ثُمَّ أَمَرَ الْمُتَطَبِّبِينَ بِلُزُومِهِ وَ بَعَثَ إِلَى قَاضِي
[1]. المراد به جعفر الكذاب.
[2]. الماجن: من لم يبال بما قال و ما صنع، و الشريب- كسكين- المولع بالشراب.
[3]. الفدم: العيى عن الكلام في رخاوة و قلة فهم، و الاحمق و المراد الثاني.
[4]. كان من خواص خدم الخليفة، و كان شقيا من الاشقياء. و التحرير: الحاذق الفطن.
[5]. يعني بالاختلاف: التردد للاطلاع على أحواله عليه السّلام.