الْعِلْمَ جَهْلًا وَ لَمْ يَكِلْ أَمْرَهُ إِلَى مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ لَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ وَ لَكِنَّهُ أَرْسَلَ رَسُولًا مِنْ مَلَائِكَتِهِ إِلَى نَبِيِّهِ فَقَالَ لَهُ كَذَا وَ كَذَا وَ أَمَرَهُ بِمَا يُحِبُّ وَ نَهَاهُ عَمَّا يُنْكِرُ فَقَصَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ وَ مَا خَلْفَهُ بِعِلْمٍ فَعَلَّمَ ذَلِكَ الْعِلْمَ أَنْبِيَاءَهُ وَ أَصْفِيَاءَهُ مِنَ الْآبَاءِ وَ الْإِخْوَانِ بِالذُّرِّيَّةِ الَّتِي بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً[1] فَأَمَّا الْكِتَابُ فَالنُّبُوَّةُ وَ أَمَّا الْحِكْمَةُ فَهُمُ الْحُكَمَاءُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَصْفِيَاءِ مِنَ الصَّفْوَةِ وَ كُلُّ هَؤُلَاءِ مِنَ الذُّرِّيَّةِ الَّتِي بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ الَّذِينَ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمُ النُّبُوَّةَ وَ فِيهِمُ الْعَاقِبَةُ وَ حِفْظُ الْمِيثَاقِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الدُّنْيَا فَهُمُ الْعُلَمَاءُ وَ وُلَاةُ الْأَمْرِ وَ أَهْلُ اسْتِنْبَاطِ الْعِلْمِ وَ الْهُدَاةُ فَهَذَا بَيَانُ الْفَضْلِ فِي الرُّسُلِ وَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْحُكَمَاءِ وَ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَ الْخُلَفَاءِ الَّذِينَ هُمْ وُلَاةُ أَمْرِ اللَّهِ وَ أَهْلُ اسْتِنْبَاطِ عِلْمِ اللَّهِ وَ أَهْلُ آثَارِ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الذُّرِّيَّةِ الَّتِي بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ مِنَ الصَّفْوَةِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْآلِ وَ الْإِخْوَانِ وَ الذُّرِّيَّةِ مِنْ بُيُوتَاتِ الْأَنْبِيَاءِ فَمَنْ عَمِلَ بِعَمَلِهِمْ وَ انْتَهَى إِلَى أَمْرِهِمْ نَجَا بِنَصْرِهِمْ وَ مَنْ وَضَعَ وَلَايَةَ اللَّهِ وَ أَهْلَ اسْتِنْبَاطِ عِلْمِ اللَّهِ فِي غَيْرِ أَهْلِ الصَّفْوَةِ مِنْ بُيُوتَاتِ الْأَنْبِيَاءِ فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ جَعَلَ الْجُهَّالَ وُلَاةَ أَمْرِ اللَّهِ وَ الْمُتَكَلِّفِينَ بِغَيْرِ هُدًى وَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَهْلُ اسْتِنْبَاطِ عِلْمِ اللَّهِ فَكَذَّبُوا عَلَى اللَّهِ[2] وَ زَاغُوا عَنْ وَصِيَّةِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ فَلَمْ يَضَعُوا فَضْلَ اللَّهِ حَيْثُ وَضَعَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَضَلُّوا وَ أَضَلُّوا أَتْبَاعَهُمْ فَلَا تَكُونُ[3] لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُجَّةٌ إِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَالْحُجَّةُ الْأَنْبِيَاءُ وَ أَهْلُ بُيُوتَاتِ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَنْطِقُ بِذَلِكَ وَ وَصِيَّةَ اللَّهِ جَرَتْ بِذَلِكَ فِي الْعَقِبِ مِنَ الْبُيُوتِ الَّتِي رَفَعَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى النَّاسِ فَقَالَ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ[4] وَ هِيَ بُيُوتَاتُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الرُّسُلِ وَ الْحُكَمَاءِ وَ أَئِمَّةِ الْهُدَى فَهَذَا بَيَانُ عُرْوَةِ الْإِيمَانِ الَّتِي بِهَا نَجَا مَنْ نَجَا قَبْلَكُمْ وَ بِهَا يَنْجُو مَنِ اتَّبَعَ الْأَئِمَّةَ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ
[1]. النساء: 54.
[2]. الزيغ: الميل عن الحق. و في بعض النسخ« فقد كذبوا ..».
[3].« فى بعض النسخ« و لم تكن».
[4]. النور: 36.