١٦٩
ـ وعن مهزم الأسدي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إنّ من شيعتنا من لا يعدو صوته
سمعه ولا ( شحمة اُذنه ) [١]
ولا يمتدح بنا معلناً ، ولا يواصل لنا مبغضاً ، ولا يخاصم لنا وليّا ، ولا يجالس
لنا عائباً ، قال : قلت : فكيف أصنع بهؤلاء المتشيّعة ؟ قال : فيهم التمحيص وفيهم
التمييز وفيهم التبديل ، تأتي [٢]
عليهم سنون تفنيهم ، وطاعون يقتلهم ، واختلاف يبدّدهم.
شيعتنا من لا يهرّ هرير الكلب ، ولا
يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل وإن مات جوعاً ، قلت : وأين أطلب هؤلاء ؟ قال : اُطلبهم
في أطراف الأرض ، أولئك الخفيض [٣]
عيشهم ، المنتقل دارهم ، إذا شهدوا لم يعرفوا ، وإذا غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا
لم يعادوا [٤]
، وإن خطبوا لم يزوّجوا ، وإن رأوا منكراً ينكروا ، وإن يخاطبهم جاهل سلّموا ، وإن
لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموا ، وعند الموت هم لا يحزنون ، وفي القبور يتزاورون ،
لم تختلف قلوبهم وإن رأيتهم اختلف بهم البلدان [٥].
١٧٠
ـ وروي أنّ صاحباً لأمير المؤمنين عليهالسلام يقال له همام وكان رجلاً عابداً ، فقام
إليه وقال له : يا أمير المؤمنين صف لي المتّقين كأنّي أنظر إليهم. فتثاقل [٦]عليهالسلام
عن جوابه ، ثمّ قال :
يا همام اتّق الله وأحسن ، فإنّ الله مع
الّذين اتّقوا والذين هم محسنون ، فلم يقنع همام بذلك القول حتّى عزم عليه ، فقال
له : أسألك بالذي أكرمك وخصّك وحباك وفضّلك بما آتاك لما وصفتهم لي.
فقام أمير المؤمنين : فحمد الله وأثنى
عليه وصلّى على النبي صلىاللهعليهوآله
، ثمّ قال :
أمّا بعد فإن الله سبحانه خلق الخلق حين
خلقهم غنيّاً عن طاعتهم ، آمنا عن [٧]
معصيتهم ، لأنّه لا يضرّه معصية من عصاه منهم ، ولا ينفعه طاعة من أطاعه منهم ،
فقسّم