فكتبَ مسلم بنُ عقيلٍ ; منَ الموضعِ المعروفِ بالمضيقِ معَ قيسِ بنِ مُسْهِرٍ : أمّا بعدُ : فإِنّني أقبلتُ منَ المدينةِ معَ دليلينِ لي فجارَا عنِ الطّريقِ فضلاّ واشتدَّ علينا [١] ، العطشُ فلم يلبثا أن ماتا ، وأقبلْنا حتّى انتهينا إِلى الماءِ فلم نَنْجُ إلاّ بحُشاشةِ أَنفسِنا ، وذلكَ الماءُ بمكانٍ يدعى المضيقَ من بطنِ الخَبْتِ [٢] ، وقد تطيَّرتُ من وجهي هذا ، فإِنْ رأَيتَ أَعفيتَني منه وبعثتَ غيري ، والسّلامُ.
فكتبَ إِليه الحسينُ بنُ عليٍّ 8 :
«أمّا بعدُ : فقد خَشيتُ [٣] أن لا يكونَ حَمَلَكَ على الكتابِ إِليَّ في الاستعفاءِ منَ الوجهِ الّذي وجّهتُك له إلاّ الجُبْنُ ، فامضِ لوجهِكَ الّذي وجّهتُكَ له ، والسّلامُ ».
فلمّا قرأَ مسلمٌ الكتابَ قالَ : أَمّا هذا فلستُ أتخوّفُه على نفسي. فأَقبلَ حتّى مرَّ بماءٍ لِطَيءٍ فنزلَ به ثمّ ارتحلَ منه ، فإِذا رجلٌ يرمي الصّيدَ فنظرَ إِليه قد رمى ظَبْياً حينَ أشرفَ [٤] له