ذُكِرَ العلماءُ فبكَ ثَنْيُ الخناصِرِ [١] خَبِّرنا أَيُّها البحرُ الزّاخرُ ، ما الدّليل على حدوث [٢] العالم َ؟
فقالَ أَبو عبدِاللهِّ 7 : «مِنْ أقرب الدّليلِ على ذلكَ ما أَذكرهُ لكَ ؛ ثمّ دعا ببيضةٍ فوضعَها في راحتهِ وقالَ :َ هذا حصنٌ مَلمومٌ ، داخله غِرْقيءٌ [٣] ، رقيقٌ ، تُطيفُ به كالفضّةِ السّائلةِ والذّهبةِ المائعةِ ، أَتشكُّ في ذلكَ؟
قالَ أَبو شاكرٍ : لا شكَّ فيه.
قالَ أَبوعبدِاللهِّ 7 : «ثمّ إِنّه يَنْفَلقُ عن صورةٍ كالطّاووسٍ ، أَدَخَلَه شيءٌ غيرُما عرفتَ؟».
قالَ : لا.
قالَ : «فهذا الدّليلُ على حَدَثِ العالمِ ».
فقالَ أَبو شاكرٍ : دَلَلْتَ ـ أَبا عبدِاللهِّ ـ فأَوضحتَ ، وقلتَ فأحسنتَ ، وذكرتَ فأَوجزتَ ، وقد علمتَ أَنّا لا نَقبلُ إِلّا ما أَدركْناه بأَبصارِنا ، أَو سمعْناه بآذانِنا ، أَوذقناه بأَفواهِنا ، أَو شممنْاه بأُنوفِنا ، أَو لمسْناه ببشرتِنا.
فقالَ أَبو عبدِاللهِّ 7 : «ذكرتَ الحواسَّ الخمسَ وهي لا
[١] ثني الخناصر: بفلان تثنى الخناصر أي تُبتدأ به اذا ذكر أشكاله. «لسان العرب ـ خنصر ـ ٤ : ٢٦١ ».
[٢] في «ش» و «م» : حَدَثَ ، وما في المتن من نسخة «ح ».
[٣] الغرقئ : قشر ألبيض الرقيق الذي تحت القشر الصلب «الصحاح ـ غرقا ـ ١ : ٦١ ».