ولم يَزَلْ يتقدّم رجلٌ رجلٌ من أصحابه فيُقتَلُ ، حتّى لم يَبْقَ معَ الحسينِ 7 إلاّ أهلُ بيتهِ خاَصّةً. فتقدّمَ ابنُه عليُّ بنُ الحسينِ 7 ـ وأُمّهُ ليلى بنتُ أبي مرّة [٣] بن عروة بن مسعود الثّقفيّ ـ وكانَ من أصبحِ النّاسِ وجهاً ، وله يومئذٍ بضعَ عشرةَ سنةً ، فشدَّ على النّاسِ وهو يقولَ :
أنَا عَليُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلي
نَحْنُ وَبَيْتِ اللهِّ أوْلـى بِالنَّبِي
تَاللهِّ لايَحْكُمُ فِيْنَا ابْنُ الدَّعِيَ
أضْرِبُ بِالسَّيْفِ أُحامِيْ عَنْ أبِيْ
ضَرْبَ غلامٍ هَاشِمِيٍّ قُرَشِي
ففعلَ ذلكَ مِراراً وأهلُ الكوفةِ يَتَّقونَ قَتْلَه ، فبَصُرَ به مُرّةُ بنُ مُنقِذٍ العبديّ فقالَ : عَلَيَّ آثامُ العرب إِن مرَّ بي يَفعلُ مثلَ ذلكَ إِن لم اُثْكِلْه أباه ؛ فمرَّ يشتدُّ [٤] علَى النّاسِ كما مرَّ في الأوّلِ ، فاعترضَه مُرّةُ بنُ مُنقذٍ فطعنَه فَصُرعَ ، واحتواه القومُ فقطّعوه بأسيافِهم ، فجاءَ الحسينُ 7 حتّى وقفَ عليه فقالَ : «قتلَ اللهُّ قوماً قتلوكَ يا بُنَيَّ ، ما أجرأهم على الرّحمنِ وعلى انتهاكِ حرمةِ الرّسولِ!» وانهملت عيناه بالدُّموعِ ثمّ قالَ : «على الدُّنيا بعدَك العفاء»
[١] ما بين المعقوفين اثبتناه من رجال الشيخ : ٧٨ / ٢٣ ، والطبري ٥ : ٤٤٣ ، والكامل ٤ : ٧٣.