فقُلْ للذِي يَبْنِيْ خِلاَفَ الّذِي مَضـىَ
تَجَهَزْ لأخْرَى مِثْلِهَا فَكَأنْ قَدِ
فإِنّا وَمَنْ قَدْ مَاتَ مِنَّا لَكَالَّذِيْ
يَرُوْحُ َفيُمسِي في المَبِيْتِ لَيَغْتَدِيْ »
فأجابَه معاويةُ عن كتابِه بما لا حاجةَ بنا إِلى ذكرِه [١].
وكانَ بينَ الحسنِ 7 وبينَه بعدَ ذلكَ مُكاتباتٌ ومُراسلاتٌ واحتجاجاتٌ للحسنِ 7 فِى استحقاقِه الأمرَ ، وَتَوَثُّب من تقدَّمَ على أبيه 8 وابتزازِه سُلطان ابنِ عمِّه رسولِ اللّهِ 9 وتحقُقِّهم به دونَه ، وأشياء يطولُ ذكرُها.
وسارَ معاويةً نحوَ العراقِ ليَغلِبَ عليه ، فلمّا بلغَ جسرَ مَنْبِجَ [٢] تحرّكَ الحسنُ 7 وبعثَ حُجْرَ بنَ عَدِيٍّ فأمَر العُمّالَ بالمسيرِ ، واستنفرَ النّاسَ للجهادِ فتثاقلوا عنه ، ثمّ خفَّ معَه أخلاطٌ منَ النّاسِ بعضُهم شيعةٌ له ولأبيه 8 ، وبعضُهم ُمحكِّمةٌ [٣] يُؤثرونَ قتالَ معاويةَ بكلِّ حيلةٍ ، وبعضُهم أصحابُ فتنِ وطمعٍ في الغنائمِ ، وبعضُهم شُكّاكٌ ، وبعضُهم أصحابُ عصبيّةٍ اتَّبعوا رؤساءَ قبائلِهم لا يَرجعونَ إِلى دين.
[١] رواه ابو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين : ٥٣ وكذا ما بعده مفصلاً الى آخر الفصل ، وابن أبي الحديد في شرحه ١٦ : ٣١ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٤ : ٤٥ / ٥.
[٢] منبج : بلد بالشام. «معجم البلدان ٥ : ٢٠٥ ».
[٣] المحكمة : الخوارج. انظر «الملل والنحل ١ : ١٠٦ » و «القاموس المحيط ـ حكم ـ ٤ : ٩٨».