ثم احتملها فأدخلها البصرة وأنزلها في
دارعبد الله بن خلف الخزاعي ، فقالت عائشة لأخيها : يا أخي ، أنشدك بالله إلا طلبت
لي ابن أختك عبد الله بن الزبير ، فقال لها محمد : ولم تسألين عن عبد الله؟ فوالله
ما سامك أحد سواه! فقالت عائشة : مهلاً يا أخي فإنه ابن أختك ، وقد كان ما ليس إلى
رده سبيل ؛ فأقبل محمد إلى موضع المعركة فإذا هو بعبد الله بن الزبير جريحاً لما
به ـ فقال له محمد : اجلس يا مشؤوم أهل بيته ، اجلس لا أجلسك الله! قال : فجلس ابن
الزبير وحمله محمد بين يديه وركب من خلفه ، وجعل يمسكه وهو يميل من الجراح التي به
حتى أدخله على عائشة ، فلما نظرت إليه على تلك الحالة بكت ثم قالت لأخيها محمد! يا
أخي! استأمن له علياً وتمم إحسانك ، فقال لها محمد : لا بارك الله لك فيه! ثم سار
إلى علي وسأله ذلك ، فقال علي : قد آمنته وأمنت جميع الناس.
« بين ابن عباس وعائشة »
ودعا علي رضي الله عنه بعبد الله بن
عباس فقال له : اذهب إلى عائشة فقل لها أن ترتحل إلى المدينة كما جاءت ولا تقيم
بالبصرة ، فأقبل إلى عائشة فاستأذن عليها ، فأبت أن تأذن له ، فدخل عبد الله بغير
إذن ، ثم التفت فإذا راحلةٌ عليها وسائد فأخذ منها وسادةً وطرحها ثم جلس عليها ؛
فقالت عائشة ، يا بن عباس أخطأت السنة ، دخلت منزلي بغير إذني! فقال ابن عباس : لو
كنت في منزلك الذي خلفك فيه رسول الله (ص) لما دخلت عليك إلا بإذنك ، وذلك المنزل
الذي أمرك الله عزَّ وجل أن تقري فيه فخرجت منه عاصيةً لله عزَّ وجلّ ولرسوله محمد
(ص) وبعد ، فهذا أمير المؤمنين يأمرك بالإرتحال إلى المدينة فارتحلي ولا تعصي ،
فقالت عائشة : رحم الله أمير المؤمنين! ذاك عمر بن الخطاب! فقال ابن عباس : وهذا
والله أمير المؤمنين وإن رغمت له الأنوف وأربدت له الوجوه! فقالت عائشة : أبيت ذلك
عليكم يا