فقال الله تعالى : يا ملائكتي انّي أعلم
ما لا تعلمون أنّي أخلق خلقاً بيدي أجعلهم [١]
خلفائي على خلقي في أرضي ، ينهونهم عن معصيتي ، وينذرونهم [٢] ويهدونهم الى طاعتي ، ويسلكون بهم طريق
سبيلي ، أجعلهم حجّة لي عذراً ونذراً [٣]
وأنفي الشّياطين من أرضي وأطهّرها منهم ، فأسكنهم في الهواء من أقطار [٤] الأرض وفي الفيافي ، فلا يراهم خلق ،
ولا يرون شخصهم ، ولا يجالسونهم ، ولا يخالطونهم ، ولا يؤاكلونهم ، ولا يشاربونهم
، وأنفرّ مردة الجنّ العصاة عن نسل [٥]
بريّتي وخلقي وخيرتي ، فلا يجاورون خلقي ، وأجعل بين خلقي وبين الجانّ حجاباً ،
فلا يرى خلقي شخص الجنّ ، ولا يجالسونهم ، ولا يشاربونهم ، ولا يتهجّمون تهجّمهم ،
ومن عصاني من نسل خلقي الّذي عظّمته واصطفيته لغيبي أسكنهم [٦] مساكن العصاة وأوردهم موردهم [٧] ولا أبالي.
فقال الملائكة : لا علم لنا ألاّ ما
علّمتنا انّك أنت العليم الحكيم ، فقال للملائكة [٨] : انيّ خالق بشراً من صلصال من حماء
مسنون فاذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين [٩].
قال : وكان ذلك من الله تقدمة للملائكة
قبل أن يخلقه احتجاجاً منه عليهم ، وما كان الله ليغيّر ما بقوم إلاّ [١٠] بعد الحجّة عذراً عذراً أو نذراً ،
فأمر تبارك ملكاً من الملائكة ، فاغترف غرفة بيمينه ، فصلصلها في كفّه فجمدت ،
فقال الله عزّ وجلّ : منك أخلق [١١]
[١] في ق ٢ وق ٣ وق
٤ : أجعل ، وفي البحار : وأجعل من ذريته أنبياء ومرسلين وعباداً صالحين وأئمة
مهتدين وأجعلهم خلفائي.