قال : وأقامت الطائفة المطيعون من الجن
على رضوان الله تعالى وطاعته ، وباينوا الطايفتين من الجن والنسناس اللّين [٢] عتوا عن أمر الله.
قال : فحط الله أجنحة [٣] الطائفة من الجنّ الّذين عتوا عن أمر
الله وتمرّدوا ، فكانوا لا يقدرون على الطّريان إلى السّماء وإلى ملاقاة الملائكة
لما [٤] ارتكبوا من
الذّنوب والمعاصي.
قال : وكانت الطائفة المطيعة لأمر الله
من الجنّ تطير إلى السّماء اللّيل والنّهار على ما كانت عليه ، وكان ابليس ـ واسمه
الحارث ـ يظهر للملائكة أنه من الطائفة المطيعة.
ثم خلق الله تعالى خلقاً على خلاف خلق
الملائكة وعلى خلاف خلق الجن [٥]
وعلىخلاف خلق النّناس يدبّون كما يدبّ الهوام في الأرض يشربون ويأكلون كما تأكل
الأنعام من مراعي الأرض ، كلّهم ذكران ليس فيهم أناث ، ولم يجعل [٦] الله فيهم شهوة النّساء ، ولا حبّ
الأولاد ، ولا الحرص ، ولا طول الأمل ، ولا لذّة عيش [٧] ، لا يلبسهم اللّيل ، ولا يغشاهم
النّهار ، وليسوا ببهائم [٨]
ولا هوام ولباسهم [٩]
ورق الشجر ، وشربهم من العيون الغزار والأودية الكبار.
ثم أراد الله يفرقهم فرقتين ، فجعل فرقة
خلف مطلع الشّمس من وراء البحر ، فكوّن لهم مجينة أنشأها لهم تسمّى [١٠] « جابرسا » طولها اثنا عشر ألف فرسخ في
اثنى عشر ألف