فقال : والله ما أمرتكم بالقتال في
الشّهر الحرام ، وأوقف الأسيرين والعير ولم يأخذ منها شيئاً ، وسُقط في أيدي القوم
، فظنّوا أنّهم قد هلكوا وقالت قريش : استحلّ محمّد الشّهر الحرام ، فأنزل الله
تعالى جل ذكره : « يسألونك
عن الشّهر الحرام قتال فيه » [١] الآية فلمّا نزل ذلك أخذ رسول الله
العير وفدأ الأسيرين وقال المسلمون : أيطمع لنا أن نكون غزاة ، فأنزل الله تعالى
فيهم : « إنّ
الّذين آمنوا والّذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله »
[٢] وكانت هذه
قبل بدر بشهرين [٣].
٤١٧ ـ ثمّ كانت غزوة بدر الكبرى ، وذلك
أن النّبيّ صلىاللهعليهوآله سمع بأبي
سفيان بن حرب في أربعين راكباً من قريش تجّاراً قافلين من الشّام ، فخرج رسول الله
في ثلاثمائة راكب ونيف وأصحابه أكثرهم مشاة ، معهم ثمانون بعيراً وفرسٌ ، وذلك في
شهر رمضان ، فبلغ ابا سفيان الخبر ، فأخذ العير على كلّ السّاحل ، وأرسل إلى أهل
مكّة يستصرخ بهم ، فخرج منهم الف رجل ، معهم مائتا فرس ومعهم القيان [٤] يضربن الدّفوف ، فلمّا بلغ النّبيّ صلىاللهعليهوآله بدر وهي بئر وقد علم بفوات العير
ومجييء قريش شاور أصحابه في لقائهم أو الرّجوع ، فقالوا : الأمر إليك وكان لواء
رسول الله أبيض مع مصعب بن عمير ورايته مع عليّ ، وأمدّهم الله بخمسة آلاف من
الملائكة ، وكثر الله المسلمين في أعين الكفّار ، وقللّ المشركين في أعين المؤمنين
كيلا يفشلوا ، فأخذ كفّاً من تراب فرماه إليهم ، وقال : شاهت الوجوه فلم يبق منهم
أحدٌ إلاّ اشتغل بفرك عينيه وقتل الله من المشركين سبعين رجلاً واُسر سبعون منهم :
العباس ، وعقيل ، ونوفل بن الحارث ـ فأسلموا وكانوا مكرهين ـ وعقبة بن أبي معيط ،
والنّضر بن الحارث قتلهما رسول الله صلىاللهعليهوآله
بالصّفراء.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله للعباس : افد نفسك وابني أخويك عقيلاً
ونوفلاً
(١ ـ ٢ ) سورة
البقرة : ( ٢١٧ ـ ٢١٨ ).
[٣] بحار الانوار (
١٩/١٦٩ ـ ١٧٠ ١٧٠ و ١٧٢ ـ ١٧٣ و ١٨٦ و ١٨٨ ـ ١٩٠ ) ، والمناقب لابن شهر آشوب ( ١/١٨٧
).
[٤] في ق ١ وق ٥ :
القينات ، وفي ق ٢ وق ٤ : القينان ، وفي ق ٣ : الغنيات والقيان جمع القينة وهي
المرأة المغنية.