فأقبلوا عليه
يضربونه ، فمنعهم أبو لهب وقالوا : أنت كنت تخدعنا منذ اللّيلة ، فلمّا أصبحوا
تفرّقوا في الجبال.
وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له : أبو
كرز يقفو الآثار ، فقالوا له : يا أبا كرز اليوم [١] ، اليوم فما زالوا يقفون أثر رسول الله
حتّى وقف على باب الغار ، فقال : هذه قدم محمّد هي والله أخت القدم الّتي في
المقام ، فلم يزل بهم حتّى وقفهم على باب الغار ، وقال : ما جاوزوا هذا المكان :
إمّا أن يكونوا صعدوا إلى السّماء ، أو دخلوا الأرض ، فبعث الله العنكبوت فنسجت
على باب الغار وجاء فارس من الملائكة في صوة الانس ، فوقف على باب الغار وهو يقول
لهم : اطلبوا في هذه الشّعاب ، فليس ها هنا فأقبلوا يدورون في الشّعاب [٢].
٤١٥ ـ وبقي رسول الله صلىاللهعليهوآله في الغار ثلاثة أيّام ، ثمّ أذن الله
له في الهجرة وقال : اخرج عن مكّة يا محمّد ، فليس لك بها ناصر بعد أبي طالب ،
فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله
وأقبل راع لبعض قريشس يقال له : ابن أريقط ، فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال له : ائتمنك على دمي ، فقال :
إذاً والله أحرسك ولا ادلّ عليك ، فأين تريد يا محمّد؟ قال : يثرب ، قال : لأسلكنّ
بك مسلكاً لا يهتدي فيها أحد [٣]
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله
: ائت عليّاً وبشّره بانّ الله تعالى قد أذن لي في الهجرة ، فهيّئ لي زاداً وراحلة
وقال أبو بكر : أعلم عامر بن فهيرة أمرنا وقل له : ائتنا بالزّاد والرّاحلة [٤] وخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله من الغار ، فلم يرجعوا إلى الطّريق
إلاّ بقديد ، وكانت الأنصار بلغهم خروج رسول الله صلىاللهعليهوآله
اليهم ، وكانوا يتوقعون قدومه إلى أن وافى مسجد قبا.
ونزل على كلثوم بن الهدم شيخ صالح مكفوف
، واجتمعت ، واجتمعت إليه بطون الأوس ، ولم تجسر الخزرج أن يأتوا رسول الله لما
كان بينهم وبين الاوس من العداة ، فلمّا أمسى أتاه