قد سفّه أحلامنا
وسبّ آلهتنا وأفسد شبابنا وفرّق جماعتنا ، وقالوا : يا محمّد إلى ما تدعو؟ قال :
إلى شهادة أن لا اله الاّ الله وخلع الانداد كلّها ، قالوا : ندع ثلاث مائة وستين
إلهاً ونعبد إلهاً واحداً وحكى الله تعالى قولهم : « وعجبوا أن جاءهم منذرٌ منهم وقال الكافرون هذا
ساحر كذّاب اجعل الآلهة إلهاً واحداً إنّ هذا لشيءٌ عجاب »
إلى قوله : « بل لمّأ
يذوقوا عجاب » [١].
ثمّ قالوا لأبي طالب : إن كان ابن أخيك
يحمله على هذا : العدم جمعنا له مالاً ، فيكون أكثر قريش مالاً ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : مالي حاجة في المال ، فأجيبوني
تكونوا ملوكاً في الدّنيا وملوكاً في الآخرة ، فترقوا ثمّ جاؤوا إلى أبي طالب ،
فقالوا : أنت سيّد من ساداتنا وابن أخيك قد فرّق جماعتنا ، فهلمّ ندفع إليك أبهى
فتى من قريش وأجملهم وأشرفهم : عمارة بن الوليد يكون لك ابناً وتدفع إلينا محمّداً
لنقتله ، فقال أبو طالب : ما أنصفتموني تسألوني أن أدفع إليكم ابني لتقتلوه ،
وتدفعون إليّ ابنكم لأربّيه لكم ، فلمّا آيسوا منه كفّوا [٢].
فصل ـ ٣ ـ
٣٩٧ ـ وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يكفّ عن عيب آلهة المشركين ، ويقرأ
عليهم القرآن ، وكان الوليد بن المغيرة من حكّام العرب يتحاكمون إليه في الامور ،
وكان له عبيد عشرة عند كلّ عبد ألف دينار يتّجر بها وملك القنطار وكان عمّ أبي جهل
، فقالوا له : يا عبد شمس ما هذا الّذي يقول محمّداً أسحر أم كهانة أم خطب؟ فقال :
دعوني أسمع كلامه ، فدنا من رسول الله صلىاللهعليهوآله
وهو جالس في الحجر ، فقال : يا محمّد أنشدني شعرك ، فقال : ما هو بشعر ولكنّه كلام
الله الّذي بعث أنبياءه ورسله ، فقال : اتل ، فقرأ : بسم الله الرّحمن الرّحيم ،
فلمّا سمع الرّحمن استهزأ منه ، وقال : تدعوا إلى رجل باليمامة بسم [٣] الرّحمن؟ قال : لا ولكنّي أدعوا إلى
الله وهو الرّحمن الرّحيم.