فلمّا جنّ اللّيل قام إلياس عليهالسلام ودعا الله ، ثمّ قال لليسع : انظر في
أكناف السّماء ماذا ترى؟ فنظر ، فقال : أرى سحابة ، فقال : أبشروا بالسّقاء
فيحرزوا أنفسهم وامتعتهم من الغرق ، فأمطر الله عليهم السّماء وأنبت لهم الأرض ،
فقام إلياس بين أظهرهم وهم صالحون.
ثمّ أدركهم الطّعيان والبطر ، فحجدوا
حقّه وتمرّدوا ، فسلّط الله تعالىعليهم عدوّاً قصدهم ولم يشعروا به حتّى رهقهم [١] فقتل الملك وزوجته وألقاهما في بستان
الّذي قتلته زوجة الملك ، ثمّ وصّى إلياس إلى اليسع وأنبت الله لإلياس الرّيش [٢] وألبسه النّور ورفعه إلى السّماء وقذف
بكسائه من الجّو على اليسع ، فنبّاه الله على بني إسرائيل ، وأوحى إليه وأيّده ،
فكان بنو إسرائيل يعظّمونه ويهتدون بهداه [٣].
فصل ـ ٤ ـ
٢٩٤ ـ وبالاسناد المتقدّم عن الحسن بن
محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة الحذّاء ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : وجدنا في بعض كتب عليّ عليهالسلام أنّه قال : حدّثني رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّ جبرئيل عليهالسلام حدّثه أنّ يونس بن متى بعثه الله تعالى
إلى قومه ، وهو ابن ثلاثين سنة ، وأنّه أقام فيهم يدعوهم إلى الله تعالى فلم يؤمن
به إلاّ رجلان.
أحدهما روبيل وكان من أهل بيت العلم
والحلم ، وكان قديم الصّحبة ليونس عليهالسلام
قبل أن يبعثه الله بالنّبوة ، وكان صاحب غنم يرعاها ويتقوّت منها.
والثّاني ـ تنوخا : رجلٌ عابد زاهد ليس
له علم ولا حكمة ، وكان يحتطب ويأكل من كسبه ، فلمّا رآى يونس أنّ قومه لا يجيبونه
، وخاف أن يقتلوه ، شكى ذلك إلى ربّه تعالى.
فأوصى الله تعالى إليه : أنّ فيهم
الحبلى والجنين والطّفل الصّغير والشيخ الكبير والمرأة الضّعيفة ، أحبّ أن أرفق
بهم وأنتظر توبتهم ، كهيئة الطّبيب المداوي العالم بمداواة الدّاء ، فانّي اُنزل
العذاب يوم الاربعاء في وسط شوّال بعد طلوع الشّمس.