إذا فعلت ذلك آمنت
بستر الله أن يصيب عدوّك منكم عورة أو يقدر منك على زلّة ، ولا تأمننّ مكره فيصيب
منك غرّة في بعض حالاتك ، فإذا استمكن منك وثب عليك ولم يقلك عثرة. وليكن ممّا
تتسلّح به على عدوّك إعلان الرّضا عنه واستصغر الكثير في طلب المنفعة واستعظم
الصّغير في ركوب المضرّة.
يا بنيّ : لا تجالس النّاس بغير طريقتهم
، ولا تحملنّ عليهم فوق طاقتهم ، فلا يزال جليسك عنك نافراً والمحمول عليه فوق
طاقته مجانباً لك ، فإذا أنت فرد لا صاحب لك يؤنسك ولا أخ لك يعضدك ، فإذا بقيت
وحيداً كنت مخذولاً وصرت ذليلاً ، ولا تعتذر إلى من لا يحبّ أن يقبل منك عذراً ولا
يرى لك حقاً ، ولا تستعن في أمورك إلاّ بمن يحبّ [١] أن يتّخذ في قضاء حاجتك أجراً ، فانّه
إذا كان كذلك طلب قضاء حاجتك لك كطلبه لنفسه ، لأنّه بعد نجاحها لك كان ربحاً في
الدنيا الفانية وحظّاً وذخراً له في الدّار الباقية فيجتهد في قضائها لك ، وليكن
إخوانك وأصحابك الّذين تستخلصهم وتستعين بهم على اُمورك أهل المروّة والكفاف
والثّروة ، والعقل والعفاف الّذين إن نفعتهم شكروك ، وأن غبت عن جيرتهم ذكروك [٢].
فصل ـ ٤ ـ
٢٤٣ ـ وبالإسناد المتقدّم عن الصّادق عليهالسلام قال : قال لقمان لابنه : إن تأدّبت
صغيراً انتفعت به كبيراً ، ومن عنى بالأدب اهتمّ ، ومن اهتمّ به تكلّف علمه ، ومن
تكلف علمه اشتدّ له طلبه ، ومن اشتد له طلبه أدرك به منفعة فاتخذه عادة. وإيّاك
والكسل منه والطّلب بغيره ، وإن غلبت على الدّنيا فلا تغلبنّ على الآخرة ، وانّه
إن فاتك طلب العلم فانّك لن تجد تضييعاً أشدّ من تركه ، يا بنيّ استصلح الأهلين
والأخوان من أهل العلم إن استقاموا لك على الوفاء ، واحذرهم عند انصراف الحال بهم
عنك ، فانّ عداوتهم أشدّ مضرّة من عداوة الأباعد بتصديق [٣] النّاس أيّاهم لا طّلاعهم عليك.