فيطالبون بمثقال ذرّة من الخطرات ،
ولاينجيهم منه الا المحاسبة وصدق المراقبة ومطالبة النفس في الأنفاس والحركات
واللحظات والحركات ، ولذا أمرهم بالصبر والمرابطة ، فرابطوا أنفسهم أوّلاً
بالمشارطة ثم بالمراقبة ثم بالمحاسبة ثم بالمعاقبة ثم بالمجاهدة ثم بالمعاتبة ،
فلابدّ من شرح هذه المقامات التة :
أمّا
المشارطة: فكما أنّ التاجر
يستعين بشريكه ويسلّم إليه مالاً للتجارة ثم يحاسبه ، فكذا العقل تاجر في طريق
الآخرة وربحه فلاح النفس ، وفلاحها بالأعمال الصالحة ، والعقل يستعين بها في
التجارة ، وكما أنّ التاجر يشارطه النفس أولاً فيوظّف عليها الوظائف ويشترط عليها
ويرشدها إلى ما فيه صلاحها ، ويجزم عليها ، ثم لا يغفل عن مراقبتها لحظة فإنّها لو
أهملها لم ير منها الا الخيانة والتضييع ، ثم بعد الفراغ يحاسبها ويطالبها بالوفاء
بما شرط ، فهذه تجارتها وربحها الفردوس الأعلى وهو أحسن الأرباح لكونه باقياً
لايفنى ، وسائرها فانية لاتبقى ، ولاخير في خير فإن ، بل الشرّ الفاني أهون منه ،
فإنّه إذا انقطع بقي الفرح بانقطاعه دائماً ، وقدً انقضى ، والثاني يبقى أسفه على
انقطاعه دائماً.
أشدّ الغم عندي في سرور
تيقّن عنه صاحبه انتقالاً
فكلّ نفس جوهر نفيس لاعوض
له ممكن أن يشترى به كنز لايتناهى نعيمه أبداً ، فتضييعه أو صرفه إلى ما يؤدّي إلى
الهلاك خسران عظيم لا تسمح به نفس عاقل ، فإذا أصبح العبد وفرغ من فريضته فرّغ
قلبه لمشارطة النفس وقال لها : « مالي بضاعة الا العمر وبفنائه يفنى رأس المال ،
فلا يمكن الربح وهذا يوم جديد ، أمهلني الله فيه وأنعم به عليّ ، ولو متّ تمنّيت
أن
١ ـ غافر : ١٧.
نام کتاب : كشف الغطاء عن وجوه مراسم الاهتداء نویسنده : القزويني، محمد حسن جلد : 1 صفحه : 466