نام کتاب : كشف الغطاء عن وجوه مراسم الاهتداء نویسنده : القزويني، محمد حسن جلد : 1 صفحه : 371
والحكام إليهم ، فمن
ليس مشغولاً مع نفسه بذكر الله فسبب اعتزاله عن الناس شدّة اشتغاله بالناس فلا
يستحبّ العزلة الا للمستغرق بربّه ذكراً وفكراً وعلماً وعبادة ، بحيث لو خالط
الناس لضاعت أوقاته وكثرت آفاته وتشوّشت عليه عباداته.
ومنها : التجارب الحاصل [١] من مخالطة الخلق ومجاري أحوالهم إذ
لايكفي العقل الغريزيّ في تفهّم مصالح الدارين ، بل يفيده التجربة والممارسة ، ومن
أهمّها أن يجرّب نفسه وأخلاقه وصفاته حيث لايمكن الاطّلاع عليها في الخلوة ، فإنّ
كل غضوب أو حقود أو حسود إذا خلّي ونفسه لم يترشّح منه خبثه ، وهذه الصفات مهلكات
في أنفسها فتجب قلعها وقمعها ، ولا يكفي تسكينها بالتّباعد عن محركاتها ، فكما أنّ
الدمل الممتلي بالقيح والمدّة [٢]
لايحسّ صاحبه بألمه مالم يتحرّك أو يمسّه غيره ولو لم يكن له يد تمسّه أو عين
تبصره أو معه أحد يحرّكه ربّما يظنّ بنفسه السلامة ، فكذا القلب المشحون برذائل
الأخلاق إنّما تنفجر عنه خباثته بالتحريك ، ولذا كان السلف يجرّبون أنفسهم بحمل
قرب الماء وحزم الحطب بين الناس في الأسواق ، ويحكى عن بعض الأكابر أنّه قال :
أعدت صلاة ثلاثين سنة مع انّي كنت أصلّيها في الصفّ الأوّل ، ولكن تخلّفت يوماً
لعذر فما وجدت موضعي فيه فوقفت في الصف الثاني فوجدت في نفسي تشعر خجلة من نظر
الناس إليّ.
ولذا قيل : إنّ السفر سمّي سفراً
لإسفاره من الأخلاق ، لكونه نوعاً من المخالطة.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الحكم بترجيح
أحدهما على الآخر مطلقاً غلط ، بل ينبغي النظر إلى الشخص وحاله وخليطه وحاله
والباعث على مخالطته والفائت بسببها من الفوائد المذكورة ويقاس الفائت بالحاصل ،
فعند
١ ـ كذا ، والصحيح :
الحاصلة.
٢ ـ المدّة كقلّة :
ما يجتمع في الجرح من القيح.
نام کتاب : كشف الغطاء عن وجوه مراسم الاهتداء نویسنده : القزويني، محمد حسن جلد : 1 صفحه : 371