قال تعالى : (ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ). [١] المخاطب المأمور ، هو الإنسان أمر بالنظر
إلى أعماله التي تحصّلها وتقدمها أمامه لآخرته ، ولازمه النظر إلى من تصدر عنه
الأعمال ومعرفته وهو نفسه أيضاً ، فالناظر : النفس باعتبار قوتها العاقلة المدركة
المميزة بين الحق والباطل ، الداعية إلى الصلاح والسعادة ، والمنظور إليه أيضاً
ذاتها باعتبار صفاتها وغرائزها الداعية إلى الانحراف عن الحق واتباع الهوى
والشهوات ، والأمر للارشاد ، فأرشد الله تعالى نفس كل إنسان إلى النظر في نفسها
وما هي عليه من العقائد والملكات والأعمال ، فإن جميع ذلك مما يقدمه الإنسان
لآخرته ، إيماناً أو كفراً ، فضيلة أو رذيلة ، طاعة أو عصياناً ، والجامع لجميعها
سعادة أو شقاوة ، ولا يكون النظر إلا ممن عرف ذلك كله ، أصولها وفروعها ، وعلم بما
هو النفس واجدة له أو فاقدة ، وهذه هي المحاسبة للنفس ، وتنتج ذلك القيام بإصلاحها