وليعلم أولاً : أن المقصد الأعلى والغرض
الأسمى في هذا العلم السعي في إصلاح القلب وإكماله ، وتطهيره وتزكيته عن ذمائم
الصفات ، وتزيينه وتحليته لفضائل السجايا وفواضل الملكات ، ليستعد على الاستفاضة
من إنارة الألطاف الرحمانية وإضافة المعارف الالهية من حضرة ذي الجلال. فبالقلب
شرف الإنسان وبه فضيلته على كثير من الخلق ، وبه ينال معرفة ربه التي هي في الدنيا
شرفه وجماله ، وفي الآخرة مقامه وكماله. فالقلب هو العالم بالله ، والعامل لله ،
والساعي إلى الله ، والمتقرب إلى جوار الله ، والجوارح أتباع وخدم يستعملها
استعمال الملك للعبيد والصانع للآلة.
والقلب هو المقبول عند الله إذا سلم من
الآفات ، والمحجوب عن الله تعالى إذا استغرق في الشهوات وهو الذي يفلح الإنسان إذا
زكاه ويخيب ويشقى إذا دساه وهو المطيع لله على الحقيقة والمشرق على الجوارح أنواره
وهو العاصي في الواقع