تعالى : (إن في صدورهم إلا كبر)[١] لكنه إذا ظهرت على الأعضاء والأركان
سميت تكبراً واستكباراً ، لاقتضاء زيادة المباني ذلك ، لكن أطلقت الكلمتان في
الكتاب الكريم على نفس الصفة أيضاً.
ثم إن الكبر من حيث المتكبر عليه ينقسم
إلى أقسام ثلاثة مع اختلاف مراتبها في القبح :
الأول : التكبر على الله تعالى : إما
بإنكار وجوده جل وعلا ، أو وحدانيته ، أو شيئاً من صفات جلاله وجماله ، ومنه أيضاً
عدم قبول إبليس أمره ، وهذا أفحش أنواع الكبر ، ولا صفة في النفس أخبث وأقذر منه ،
وقد أتفق فيما يظهر من التأريخ صدوره من عدة ممن ادعى الألوهية وغيرهم.
الثاني : التكبر على أنبياء الله ورسله
وأوصيائه بإنكار رسالتهم ورد ما جاؤوا به من الكتاب والشريعة.
الثالث : التكبر على عباد الله بتعظيم
نفسه وتحقيرهم والامتناع عن الانقياد لمن هو فوقه منهم بحكم العقل أو الشرع ، وعن
العشرة بالمعروف مع من هو مثله فيترفع عن مجالستهم ومؤاكلتهم ، ويتقدم عليهم في
موارد التقدم ويتوقع منهم الخضوع له ، ويمتنع عن استفادة العلم وقبول الحق منهم ،
ويأنف إذا وعظوه ، ويعنف إذا وعظهم ، ويغضب إذا ردوا عليه ، وينظر إليهم نظر
البهائم استجهالاً واستحقاراً وهكذا.
وبالجملة : أن كبر الباطن يظهر في
الإنسان المتكبر من شمائله كتصعير وجهه ، ونظره شزراً ، وإطراق رأسه ! ومن جلوسه
متربعاً أو متكئاً ، ومن قوله وصوته ومن مشيته وتبختره فيها ، ومن قيامه وجلوسه
وحركاته وسكناته وسائر تقلباته