نام کتاب : الرّفق في المنظور الإسلامي نویسنده : الخزاعي، أبو زلفى جلد : 1 صفحه : 60
البحث فيما ليس
مطلوباً منهم ومشددين على أنفسهم بما لم يشدد به عليهم (قَالَ
إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ
النَّاظِرِينَ)[١]
غير أنّهم لم يقفوا عند هذا الحد من اللجاجة والمماطلة فيذبحوا بقرة صفراء
متوسطة العمر ، وما أكثر البقر الذي يتمتع بهذه المواصفات ، فلم يريحوا
أنفسهم ولا نبيهم من عناء البحث والتدقيق بل نراهم اندفعوا في أسئلتهم التي
تعقّد عليهم الأمر (قَالُوا
ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا)
؟!! (وَإِنَّا
إِن شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ)[٢]
يالهم من حمقى لا يرفقون بأنفسهم ولا يتأدبون مع نبيهم ، إذ لم يسكتوا عما
سكت عنه ، ويالهم من متكبرين في نفوسهم والفاظهم إذ لم يقولوا ادعُ لنا
ربنا وإنّما قالوا ادعُ لنا ربك ؟!!
ومثل هذا الطرح يدلل على ضعف
الإيمان وغلظة الجَنان ، ولعل المقصود من قولهم (وَإِنَّا
إِن شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ) يعني إلى
التصديق العملي بأوامرك وتنفيذها ، قال : (إِنَّهُ
يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ) بين يدي مالكها ، طبعها النفور وعدم الانصياع ، صعبة لا تنقاد. فهي متمردة على العمل لا (تُثِيرُ
الأَرْضَ)[٣] أي لا
تستخدم في حراثة الأرض كغيرها من البقر الذلول الذي ذُلّل بين يدي صاحبه (وَلا
تَسْقِي الحَرْثَ) إذ هي ترفض العمل كغيرها في إدارة الناعور (مُسَلَّمَةٌ) من العيوب
الجسدية (لاَّ
شِيَةَ فِيهَا) لونها أصفر بالكامل حتى قرنها
وظلفها. وهكذا شدّد الله عليهم بتشديدهم على أنفسهم (قَالُوا
الآنَ جِئْتَ بِالحَقِّ) أي بالوصف