في حسنه مجرد احراز
الواقع المشكوك فيه ولو كان على خلافه دليل اجتهادي ، غايته انه مع وجوده لا يجب
الاحتياط ، لا انه لا يجوز معه الاحتياط ( فان ) مرجع الامر بالغاء احتمال خلاف
الامارة انما هو الغائه في مقام التعبد به عملا ، لا في مقام تحصيل الواقع رجاءا ،
فيجوز للمكلف حينئذ ان يعمل أولاً بما يقتضيه الاحتياط ثم العمل بما تقتضيه الحجة
كما يجوز له العكس ولو أن ذلك مستلزما لتكرار العمل خارجا ، كما لو قامت الامارة
المعتبرة على وجوب صلاة الجمعة يوم الجمعة في عصر الغيبة واحتمل كون الواجب في عصر
الغيبة هو خصوص الظهر ( وتوهم ) لزوم العمل حينئذ أولاً بما تقتضيه الحجة ، ثم
العمل بما يقتضيه الاحتياط ، بخيال ان في صورة العكس الغاء للتعبد بالامارة عملا ،
لأنه عين الاعتناء باحتمال مخالفة الامارة للواقع ( مدفوع ) بما عرفت من أن غاية
ما تقتضيه حجية الامارة انما هو وجوب العمل على طبق مفادها الذي هو وجوب صلاة
الجمعة ، واما عدم جواز فعل ما يخالف مفادها لأجل رعاية احراز الواقع فلا يقتضيه
دليل الامارة ، وإلا لاقتضى عدم جواز رعاية جانب الاحتياط حتى بعد العمل بما
تقتضيه الامارة ( وبالجملة ) يكفي في العمل بالاحتياط مجرد تحقق موضوعه وهو احتمال
التكليف ولا يعتبر فيه شيء سوى ذلك ، فمتى تحقق موضوعه يحكم العقل بحسنه ولو كان
مستلزما للتكرار وكان المكلف متمكنا من إزالة الشبهة بالفحص ، وهذا في التوصليات
مما لا خلاف فيه ولا اشكال ( واما في العبادات ) فقد أشكل جريانه فيها قبل الفحص
عن الأدلة لوجهين ( أحدهما ) من جهة استلزامه للاخلال بقصد الوجه والتمييز المعتبر
في صحة العبادة ( فان ) المشهور على ما حكى على المنع عن جريان الاحتياط في
العبادات مع التمكن من إزالة الشبهة بالرجوع إلى الأدلة المثبتة لوجه الفعل ، وعلى
ذلك أيضا بنوا على بطلان عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد مع التمكن من أحدهما
وجعلوا الاحتياط فيها على خلاف الاحتياط ( وثانيهما ) من جهة اخلاله بالجزم بالنية
المعتبرة في تحقق الإطاعة عقلا حال الاتيان بالعبادة ( بتقريب ) ان للامتثال مراتب
أربعة ، الأولى الامتثال التفصيلي ، الثانية الامتثال الاجمالي ، الثالثة الامتثال
الظني ، الرابعة الامتثال الاحتمالي ، وانه لابد بحكم العقل في الانتقال إلى
المرتبة اللاحقة من كونه في صورة تعذر المرتبة السابقة