اما أولاً فلعدم
قابلية مثل هذه العناوين لأعمال جهة المولوية فيها ، بل لو ورد امر أو نهى شرعي
بعنوانهما لابد وأن يكون ارشادا محضا إلى حكم العقل ، كما في النهى عن العصيان
والامر بالإطاعة « لان » الغرض من الحكم المولوي حينئذ ليس الا البعث نحو الشيء بالايجاد
أو الزجر عنه للفرار عما يترتب على مخالفة التكليف الواقعي أو الاعتقادي من
التبعات « ومن المعلوم » انه مع زجر العقل عنه وحكمه باستحقاق العقوبة لا يحتاج
إلى زجر آخر بعنوان التجري أو العصيان لكونه لغوا محضا « ولئن شئت » قلت إن النهى
المقطوع به ان كان زاجرا عن العمل بحكم العقل ، فلا يحتاج إلى زجر آخر مولوي بهذا
العنوان ( والا ) فلا يكون النهى الثاني أيضا زاجرا عنه ( واما ثانيا ) فلعدم
صلاحية مثل هذا القبح العقلي في المقام لاستتباع التكليف المولوي على وفقه ، لان
الحسن والقبح العقليين انما يستتبعان التكليف المولوي على الملازمة إذا كانا
ناشئين عن مصلحة أو مفسدة في نفس العمل ومثله غير متصور في المقام « إذ لا يحدث »
من قبل طرو عنوان التجري والانقياد وكذلك الإطاعة والعصيان مصلحة أو مفسدة في نفس
العمل ، كي بذلك يكون مثل هذا الحسن أو القبح العقلي مستتبعا على الملازمة للحكم
الشرعي « وحينئذ » فلو ثبت حكم شرعي لكان ذلك بلا ملاك يقتضيه كما هو ظاهر ( بل
وبمثل ) هذا البيان نقول بعدم المجال لاثبات الحكم المولوي أيضا ولو على القول
بعدم اقتضاء التجري شيئا سوى الكشف عن سوء سريرة الفاعل فضلا عن سائر الأقوال ،
حيث إن المنع عنه حينئذ انما هو من جهة عدم المقتضى للحكم المولوي ( نعم ) على
سائر الأقوال يتجه المنع من جهة وجود المانع أيضا كما ذكرناه ( ثم انه ) بالتأمل
فيما ذكرنا في وجه المختار يتضح لك ضعف سائر الأقوال وانه لا مجال لانكار القبح
والعقوبة رأسا كما افاده شيخنا العلامة الأنصاري قدسسره
( إذ هو ) مع مخالفته لما عرفت من حكم الوجدان بقبح الطغيان على ولى النعمة
والاحسان مناف لما تسالموا عليه من حسن الانقياد وترتب المثوبة عليه ( واما توهم )
ان الثواب فيه تفضلي ( فيدفعه ) تصريحهم برجحان الاحتياط بالفعل الماتى بداعي
المحبوبية لكونه انقيادا وإطاعة حكمية ، حتى أنه قدسسره
بنى على امكان تصحيح العبادة المحتملة بهذا المقدار من الحسن العقلي ( ولا )
للتفكيك بين ذات الفعل وجهة صدوره