والتحقيق ـ حسبما يؤدّي إليه النظر
الدقيق ـ أن حال المستعمل فيه والموضوع له فيها حالهما في الأسماء ، وذلك لأن الخصوصية
المتوهمة ، إن كانت هي الموجبة لكون المعنى المتخصص بها جزئياً خارجياً ، فمن
الواضح أن كثيراً ما لا يكون المستعمل فيه فيها كذلك بل كلياً ، ولذا التجأ بعضٍ الفحول
[٢] إلى جعله
جزئياً إضافياً ، وهو كما ترى. وأنّ كانت هي الموجبة لكونه جزئياً ذهنياً ، حيث إنّه
لا يكاد يكون المعنى حرفياً ، إلّا إذا لوحظ حالة لمعنى آخر ، ومن خصوصياته
القائمة به ، ويكون حاله كحال العرض ، فكما لا يكون في الخارج إلّا في الموضوع ،
كذلك هو لا يكون في الذهن إلّا في مفهوم آخر ، ولذا قيل في تعريفه : بإنّه ما دلّ على
معنى في غيره ، فالمعنى ، وأنّ كان لا محالة يصير جزئيا بهذا اللحاظ ، بحيث يباينه
إذا لوحظ ثانياً ، كما لوحظ أولاً ، ولو كان اللاحظ واحداً ، إلّا أن هذا اللحاظ
لا يكاد مأخوذاً في المستعمل فيه ، وإلاّ فلا بدّ من لحاظ آخر ، متعلّق بما هو
ملحوظ بهذا اللحاظ ، بداهة أن تصوّر المستعمل فيه مما لا بدّ منه في استعمال
الألفاظ ، وهو كما ترى.
مع إنّه يلزم أن لا يصدق على الخارجيات
، لامتناع صدق الكلّي العقلي عليها ، حيث لا موطن له إلّا الذهن ، فامتنع امتثال
مثل ( سر من البصرة ) إلّا بالتجريد وإلغاء [٣]
الخصوصية ، هذا.
مع إنّه ليس لحاظ المعنى حالة لغيره في
الحروف إلّا كلحاظه في نفسه في الأسماء ، وكما لا يكون هذا اللحاظ معتبراً في
المستعمل فيه فيها ، كذلك ذاك اللحاظ في الحروف ، كما لا يخفى.