كاشفيتها عن الواقع ، فالمدار فيه على مستوى الحكاية والكشف.
كما أن الكشف على نوعين : كشف عقلي وكشف حسي ، ومقصودنا بالأول : ادراك العقل النظري للواقع عبر وسيلة معينة ، فإن الإنسان إذا سمع خبر الثقة مع معرفته بحكم الاستقراء المبني على حساب الاحتمالات أن خبر الثقة غالب المطابقة للواقع حصل له في ذهنه إدراك راجح بصدق الخبر ، وهذا ما نعبر عنه بالكشف العقلي.
ومقصودنا بالكشف الحسي : الشعور الوجداني بالشيء ، فمثلاً إذا مارس الإنسان عمل الكتابة فإن له توجهاً وجدانياً حال الكتابة وشعوراً باستمرارية العمل وتواصله ، والشعور الوجداني بالشيء غير التوجه العقلي له ، كذلك لو نظر الإنسان لصورة حديقة معينة ثم أطبق عينيه فإنه يشعر وجداناً كأن الصورة ما زالت أمام بصره ، ولو كان الإنسان في مكان صاخب بالأصوات والأضواء ثم انتقل لمكان هادئ فإنه يشعر وجداناً كأنه ما زال في موجة الصخب والضجيج ، وهذا ما نعبر عنه بالكشف الحسي الوجداني الذي ربطنا به قاعدة الاستصحاب ، حيث أن الإنسان إذا تيقن بوجود شيء عن أي طريق فإنه يبقى له شعور وجداني ببقاء ذلك الشيء بعد فترة طويلة.
وكذلك قاعدة الفراغ والتجاوز ، حيث أن الإنسان إذا مارس عملاً من الأعمال فكما يلتفت للعمل بعقله وفكره فكذلك يكون له شعور وجداني ارتكازي بمسيرة العمل ، بحيث لو غاب الالتفات العقلي عن العمل فالشعور النفسي يبقى موجوداً ، فهل مثل هذا الكشف الوجداني الحسي حجة أم لا ؟ وأما محور الحجية في مجال الميثاق العقلائي فهي نفس بناء العقلاء سلوكاً وإرتكازاً ، فإن العقلاء قد يعتمدون على الظواهر مثلاً لا من باب الكشف ودرجته ولا من باب المقارنة بين درجة الاحتمال وأهمية المحتمل لتحصيل الوثوق النفسي ، بل من باب انسجام هذا الاعتماد والبناء مع مصالحهم ونظامهم. إذن