والمتتبع لمظان القاعدة وما أقاموه برهاناً، على صحتها يقف
على أنّ الوجه غير ذلك، حتى أنّ تفسير قولهم: «الممكن
محتف بالضروريات» بما ذكره1 خاطىَ جداً. فلاحظ شرح
المنظومة والاَسفار.
ولك أن تستوضح الحال من العلّة المركبة، فإنّ وجود
المعلول رهن جميع أجزاء العلّة، لاَنّ فقدان كل جزء من أجزاء
العلّة طريق لعدم المعلول، ويهدِّد وجوده فلا يُوجد، إلاّ بوجود
جميع الاَجزاء، وعند ذاك يسدّ جميع أبواب العدم في وجه
المعلول، ويصير واجب الوجود من جانب العلّة. وإلاّ فلو
افترضنا عندئذ احتمال تطرق العدم لزم أن لا يكون ما افترضناه
علّة تامة، كذلك، وهو خلف، فإذا كانت علّة تامة وكانت أبواب
العدم مسدودة، صار الفعل قطعيَّ الوجود وواجبه.
ولاَجل ذلك يقال: الشيء ما لم يجب وجوباً مفاضاً من
جانب العلّة لم يوجد، ولكن استنتاج الجبر منه غريب جداً،
وذلك إذ لا ملازمة بين وجوب الفعل وكون الفاعل له فاعلاً
موجَباً، بل النسبة بين الاَمرين عموم مطلق، فإنّ كل فاعل