إنّ الدارس لتاريخ حياة الصحابة يقف بوضوح على أنّ هذه الحالة القدسية التي يضفيها جمهور السنّة على الصحابة ليست إلاّ وليدة عصر متأخر عنهم، ولم تزل هذه الحالة تزداد وتتّسع، حتّى أصبحنا في عصر لا يمكن فيه لأحد أن يبحث في ممارسات الصحابة وسلوكيّاتهم، ولا أن يشير إلى مواضع الألم في تاريخ تلك الحقبة، حتّى ولو اعتمد القائل في قضائه على الآيات والروايات والتاريخ الصحيح، بل يتّهم بأنّه زنديق، وأنّ الجارح أولى بالجرح.
لقد تكوّنت هذه النظرية ونشأت عن العاطفة الدينية التي حملها المسلمون تجاه الرسول الأكرم وجرّتهم إلى تبنّي تلك الفكرة واستغلّتها السلطة الأموية لإبعاد الناس عن أئمّة أهل البيتـ عليهم السَّلام ـ أحد الثقلين اللّذين تركهما الرسولـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بعد رحيله لهداية الناس.