أمّا الآية الأُولى فقد ذكر الشيخ في كيفية الاستدلال بها أنّ عمل المسلمين كعمل بقية المشركين، فقال: إنّ المشركين يقصدون بذلك أنّها تشفع لهم عند اللّه وتقربهم إليه زُلفى، ولم يعتقدوا أنّها هي الّتي تقضي حاجاتهم وتشفي مرضاهم وتنصرهم على عدوهم، كما بيّن اللّه سبحانه ذلك عنهم في قوله: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعاؤُنَا عِنْدَ اللّهِ).[3]
يلاحظ عليه :
أوّلاً: هناك فرق بين عمل المشركين والموحّدين ، فإنّ المشركين يقومون بعملين مختلفين:
1. يعبدون أصنامهم وآلهتهم المزعومة كما قال سبحانه:(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ).
وهذا يدلّ على أنّ ملاك شركهم هو عبادة غير اللّه سبحانه، لا قولهم بأنّ الآلهة شفعاؤهم عند اللّه.
وعند ذلك فكيف يصحّ حمل عمل الموحّدين على المشركين؟ أفيصح أن يعطف من يعبد اللّه سبحانه على مَنْ يعبد الأصنام والأوثان بمجرد اشتراكهما في الاعتقاد بالشفعاء؟
ثانياً: أنّ المشركين كانوا يعتقدون بقدرة غيبية في أصنامهم وأوثانهم، وأنّ آلهتهم يقومون بقضاء حاجاتهم مستقلين عن اللّه سبحانه، وقد مرّت الآيات الّتي تؤكّد أنّهم كانوا يعتقدون أنّ العزة والذلة والنصر والخذلان بأيديهم، كما كانوا يعتقدون أنّهم يملكون