نام کتاب : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الاِسلاميّة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 77
واستوطنها معه شيعته ، وصارت الكوفة عاصمة التشيّع ، ومعقله ، وفيها نما وأينع وأثمر ومنها انحدر إلى سائر البلدان ، بعد ما كان الحجاز مهبط التشيّع ومغرسه ومحتده . فكان حجازي المحتد والمغرس ، عراقي النشوء والنمو ، ولم يكن يوم ذاك يتظلّل في ظلال التشيّع إلاّ عربي صميم ، من عدنانيّ وقحطانيّ ، ولم يكن بينهم فارسيّ ولا بربريّ الأصل ولا شعوبيّ العقيدة يمقت العرب .
وهكذا فإنّا يمكننا القول بأنّ مهد التشيّع الأوّل كان في أرض الحجاز الطيّبة ومنها درج واشتد حتّى تسامق وتطاول وأصبح له وجود في كلّ بقاع المعمورة .
ولا زال الشيعة يعيشون مع إخوانهم المسلمين في مكّة المكرّمة ، والمدينة المنوّرة ، وحضرموت ، ونجران ، وغيرها ، كما توجد في أنحاء من أرض الحجاز الكثير من القبائل العربية الشيعية أمثال بني جهم ، وبنو عليّ ، وغيرهم .
وأمّا المنطقة الشرقية كالإحساء والقطيف والدمّام ، فأكثر سكّانها من الشيعة .
التشيّع عراقي النشوء والنمو :
قد عرفت أنّه لمّا غادر الإمام المدينة المنوّرة متوجّهاً إلى العراق واستوطن الكوفة هاجر كثير من شيعته معه واستوطنوا العراق ، فصار ذلك أقوى سبب لنشوء التشيّع ونموّه في العراق ، ولا سيما في الكوفة ، فصارت معقل الشيعة ، ولمّا قضى الإمام نحبه حاولت السلطة الأُموية وعمّـالها استئصال التشيّع منها بأبشع صورة مستخدمة في ذلك شتّى الأساليب الإجرامية الرهيبة من دون أيّ وازع من ضمير .
وبالرغم من أنّ العراق وأخصّ منه الكوفة كان علوي النزعة هاشمي الولاء ، إلاّ أنّ الحسين ابن الإمام عليّ_ عليهما السلام _ قتل بسيف الكوفيين ، وسقط عطشان وحوله أجساد أبنائه وأبناء أخيه وأصحابه ،إلاّ أنّ ذلك لا يدلّ على انسلاخهم عن
نام کتاب : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الاِسلاميّة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 77