نام کتاب : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الاِسلاميّة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 39
وغيرهم من الذين ملأت أسماؤهم كتب التراجم والرجال .
ومن أراد الوقوف على حياتهم وكتبهم فعليه الرجوع إلى الموسوعات الرجالية ، وأخص بالذكر كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة .
هذا عرض موجز لمشاركة الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية على المستوى الفقهي . ويشهد الله أنّ علماء الشيعة قاموا بهذه الجهود في ظروف قاسية ورهيبة ، وكانت الحكومات الظالمة ومرتزقتها لا ينفكّون عن مطاردتهم وإيداعهم في السجون وعرضهم على السيف ، ومع ذلك نرى هذا الإنتاج العلمي الهائل في مجال الفقه . والذي لو تأمل فيه علماء المسلمين بفرقهم المختلفة ، وتجنّبوا أهواء التعصب ، لأقرُّوا بلا ريب بما فيه من سعة الفكر ، وعمق النظر ، وغزارة الانتاج .
هذا هو الشيخ الطوسي الذي ألّف المبسوط في الفقه المقارن (في 8 أجزاء) في زمن كانت الفتن الطائفية على أوجها ، والشيعة هم الضحية في هذه المخاضات العسرة ، والتي امتدت ألسنتها نحو الشيخ الطوسي نفسه ، فأُحرقت داره ، ومكتبته في كرخ بغداد ، فالتجأ سرّاً إلى النجف الأشرف ، تاركاً بلده الذي عاش فيه قرابة نصف قرن ، وأين هؤلاء من الفقهاء الذين تنعّموا بالهدوء والاستقرار ، واستقبلتهم السلطات الحاكمة بصدر رحب ، وأُجيزوا مقابل أبيات معدودة من الشعر الرخيص ، أو كتيب أو رسالة صغيرة بالهبات والعطايا .
10 ـ قدماء الشيعة وعلم أُصول الفقه
إنّ السنّة النبوية بعد القرآن الكريم هي المصدر للتشريع ، وقد سبق أنّ الخلافة ـ بعد رحلة الرسول_ صلى الله عليه وآله وسلم _ ـ حالت دون تحديث ما تركه بين الأُمّة ، وكتابته وتدوينه . فلم تدوّن السنّة إلى عصر أبي جعفر المنصور ، إلاّ صحائف غير منظّمة ولا مرتّبة ، إلى أن شرع علماء الإسلام في التدوين سنة (53هـ )[1] .